283
مكاتيب الأئمة ج5

وحسن قضائه لدينه وعباده ، بيعة مبسوطة إليها أيديكم منشرحة لها صدوركم ، عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها وآثر طاعة اللّه والنّظر لنفسه ولكم فيها ، شاكرين للّه على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقّه في رعايتكم وحرصه على رشدكم وصلاحكم ، راجين عائدة ذلك في جمع أُلفتكم وحقن دمائكم ولَمّ شعثكم وسدّ ثغوركم وقوّة دينكم ورغم عدوّكم واستقامة أُموركم ، و سارعوا إلى طاعة اللّه وطاعة أمير المؤمنين ، فإنّه الأمن إن سارعتم إليه وحمدتم اللّه عليه ، عرفتم الحظّ فيه إن شاء اللّه .
وكتب بيده يوم الاثنين بسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومئتين .

صورة ماكان على ظهر العهد بخطّ الإمام الرّضا عليه السلام

۰.بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحَمدُ للّهِ الفَعَّالُ لِما يَشاءُ ، لا مُعِّقّبَ لِحُكمِهِ وَلا رَادَّ لِقضائِهِ ، يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وَما تُخفي الصُّدورُ . وَصلاتُهُ عَلى نَبيِّهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيِّينَ ، وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ.
أَقولُ وَأَنا عَليُّ بنُ موسى الرِّضا بنُ جَعفَرٍ : إِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ عَضَدَهُ اللّهُ بِالسَّدادِ ، وَوَفَّقَهُ لِلرَّشادِ ، عَرَّفَ مِن حَقِّنا ما جَهَلَهُ غَيرُهُ ، فَوَصَلَ أَرحاما قُطِعَت ، وَآمَنَ نُفوسا فَزِعَت ، بَل أَحياها وَقَد تَلَفَت ، وَأَغناها إِذ افتَقَرَت ، مُبتَغيا رِضا رَبِّ العَالمينَ ، لا يُريدُ جَزاءً مِن غَيرِهِ « وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّـكِرِينَ »۱ و « لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ »۲ .
وَإِنَّهُ جَعَلَ إِلَيَّ عَهدَهُ وَالإِمرَةَ الكُبرى إِن بَقيتُ بَعدَهُ ، فَمَن حَلَّ عَقدَةً أَمَرَ اللّهُ بِشَدِّها ، وَفَصَمَ عُروَةً أَحَبَّ اللّهُ إِيثاقَها ، فَقَد أَباحَ حَريمَهُ وَأَحَلَّ مُحَرَّمَهُ ، إِذ كانَ بِذلِكَ زاريا عَلى الإِمامِ ، مُنهَتِكا حُرمَةَ الإِسلامِ بِذلِكَ جَرَى السَّالِفُ ، فَصَبَرَ عَنهُ عَلى الفَلتَاتِ ۳ ، وَلَم يَعتَرِض بَعدَهَا عَلى الغُرماتِ ، خَوفا مِن شَتاتِ الدِّينِ وَاضطِرابِ حَبلِ المُسلِمينَ ، وَلِقُربِ أَمرِ الجاهِليَّةِ ،

1.آل عمران : ۱۴۴.

2.التوبة : ۱۲۰.

3.جمع فلتة ؛ وهي الزلّة .


مكاتيب الأئمة ج5
282

له في دينه وعباده ، و مختارا لولاية عهده ورعاية الأُمّة من بعده أفضل من يقدر عليه في ورعه ودينه وعلمه ، و أرجاهم للقيام في أمر اللّه وحقّه ، مناجيا للّه تعالى بالاستخارة في ذلك ومسألته إلهامه ما فيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره ، مُعمّلاً في طلبه والتماسه في أهل بيته من وِلد عبد اللّه بن العبّاس وعليّ بن أبي طالب فكره و نظره ، مقتصرا لمن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة عمّن خفي عليه أمره جهده وطاقته .
حتّى استقصى أُمورهم معرفةً ، وابتلى أخبارهم مشاهدةً ، واستبرأ أحوالهم معاينةً ، وكشف ما عندهم مسائلةً ، فكانت خيرته بعد استخارته للّه ، وإجهاده نفسه في قضاء حقّه في عباده وبلاده في البيتين جميعا ، عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، لما رأى من فضله البارع وعلمه النّاصع وورعه الظّاهر وزهده الخالص وتخلّيه من الدّنيا وتسلمه من النّاس ، وقد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطئة والألسن عليه متّفقة والكلمة فيه جامعة ، ولما لم يزل يعرفه به من الفضل نافعا وناشئا وحدثا ومكتهلاً ، فعقد له بالعهد والخلافة من بعده واثقا بخيرة اللّه في ذلك ، إذ علم اللّه إنّه فعله ايثارا له وللدين ، ونظرا للإسلام والمسلمين وطلبا للسّلامة وثبات الحقّ ، والنجاة في اليوم الّذي يقوم النّاس فيه لربّ العالمين .
ودعا أمير المؤمنين ، وِلده وأهل بيته وخاصّته وقوّاده و خدمه ، فبايعوا مسرعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين ، طاعة اللّه على الهوى في ولده وغيرهم ممّن هو أشبك منه رحما وأقرب قرابة ، و سمّاه الرّضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين ، فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين ومن بالمدينة المحروسة من قوّاده وجنده وعامّة المسلمين لأمير المؤمنين وللرّضا من بعده ( كتب بقلمه الشّريف بعد قوله «وللرّضا من بعده» بل آل من بعده) عليّ بن موسى ، على اسم اللّه وبركته ،

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119592
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي