287
مكاتيب الأئمة ج5

إِذهابِهِ الرِّجسَ عَنهُم ، وَتَطهيرِهِ إِيَّاهُم في قَولِهِ : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »۱ .
ثُمَّ إِنَّ المَأمونَ بَرَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله في عِترَتِهِ ، وَ وَصَلَ أَرحامَ أَهلِ بَيتِهِ ، فَرَدَّ أُلفَتَهُم وَ جَمَعَ فُرقَتَهُم ، وَ رَأَبَ صَدعَهُم ، وَ رَتَقَ فَتقَهُم ، وَ أَذهَبَ بِهِ الضَّغائِنَ ، وَ الإِحَنَ بَينَهُم وَ أسكَنَ التَّناصُرَ وَ التَّواصُلَ وَ المَوَدَّةَ وَ المَحَبَّةَ قُلوبَهُم ، فَأَصبَحَت بيُمنِهِ وَحِفظِهِ وَبَرَكَتِهِ وَبِرِّهِ وَصِلَتِهِ أَيديهِم واحِدَةٌ ، وَكَلِمَتُهم جامِعَةٌ ، وَأَهوائُهُم مُتَّفِقَةٌ .
وَرَعى الحُقوقَ لأَِهلِها ، وَوَضَعَ المَواريثَ مَواضِعَها ، وَكَافَأَ إِحسانَ المُحسِنينَ ، وَحَفَظَ بَلاءَ المُبتَلينَ ، وَقَرَّبَ وَباعَدَ عَلى الدِّينِ ، ثُمَّ اختَصَّ بِالتَّفضيلِ وَالتَّقديمِ وَالتَّشريفِ مَن قَدَّمَتهُ مَساعيهُ ، فَكانَ ذلِكَ ذا الرِّئاسَتَينِ الفَضلَ بنَ سَهلٍ ، إذ رآهُ لَهُ مُؤازِرا ، وَبِحَقِّهِ قائِما ، وَبِحُجَّتِهِ ناطِقا ، وَلِنُقَبائِهِ نَقيبا ، وَلِخُيوله قائِدا ، وَلِحُروبِهِ مُدَبِّرا ، وَلِرَعيَّتِهِ سائِسا ، وَإليهِ داعيا ، وَلِمَن أَجابَ إِلى طاعَتِهِ مُكافِئا ، وَلِمَن عَدَلَ عَنها مُنابِذا ، وَبِنُصرَتِهِ مُتَفَرِّدا ، وَلِمَرَضِ القُلوبِ وَالنِّيَّاتِ مُداويا ، لَم يَنهَهُ عَن ذلِكَ قِلَّةُ مالٍ وَلا عَوزُ رِجالٍ ، وَلَم يَمِل بِهِ طَمَعٌ ، وَلَم يَلفِتهُ عَن نيَّتِهِ وَبَصيرَتِهِ وَجَلٌ ، بَل عِندَما يُهَوِّلُ المُهَوِّلونَ ، وَيَرعُدُ وَيَبرُقُ لَهُ المُبرِقونَ وَالمُرعِدونَ ، وَكَثرَةُ المُخالِفينَ وَ المُعانِدينَ مِنَ المُجاهِدينَ وَ المُخاتِلينَ ، أَثبَتُ ما يَكونُ عَزيمَةً ، وَ أَجرَئَ جِنانا ، وَ أَنفَذَ مَكيدَةً ، وَأَحسَنَ تَدبيرا ، وَأَقوى في تَثبيتِ حَقِّ المَأمونِ وَالدُّعاءِ إِليهِ .
حَتَّى قَصَمَ أَنيابَ الضَّلالَةِ ، وَ فَلَّ حَدَّهُم ، وَ قَلَّمَ أَظفارَهُم وَ حَصَدَ شَوكَتَهُم ، وَ صَرَعَهُم مَصارِعَ المُلحِدينَ في دِينِهِم ، وَالنَّاكِثينَ لِعَهدِهِ ، الوانينَ ۲ في أَمرِهِ ، المُستَخِفِّينَ بِحَقِّهِ ، الآمِنينَ لِما حُذِّرَ مِن سَطوَتِهِ وَ بأسِهِ ، مَعَ آثار ذي الرِّئاسَتَينِ في صُنوفِ الأُمم مِنَ المُشرِكينَ ، وَ ما زادَ اللّهُ بِهِ في حُدودِ دارِ المُسلِمينَ ، مِمَّا قَد وَرَدَت أَنباؤهُ عَلَيكُم ، وَ قُرِأَت بِهِ الكُتُبُ عَلى مَنابِرِكُم ، وَ حَمَلَهُ أَهلُ الآفاقِ إِلَيكُم إِلى غَيرِكُم .

1.الأحزاب : ۳۳.

2.الوني : الضعف والفتور والإكلال والإعياء ( الصحاح : ج ۶ ص ۲۵۳۱ « وني » ) .


مكاتيب الأئمة ج5
286

183

كتابه عليه السلام في الفضل بن سهل وأخيه

۰.في عيون أخبار الرّضا عليه السلام : وجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحباء و الشّرط من الرّضا عليّ بن موسى عليه السلام إلى العمّال في شأن الفضل بن سهل و أخيه ، و لم أروِ ذلك [ عن ]۱أحد :أَمَّا بَعدُ ، فَالحَمدُ للّهِ البَديءَ الرَّفيعِ القادِرِ القاهِرِ ، الرَّقيبِ عَلى عِبادِهِ ، المَقيتِ عَلى خَلقِهِ ، الّذي خَضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِمُلكِهِ ، وَ ذَلَّ كُلُّ شَيءٍ لِعِزَّتِهِ ، وَاستَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ ، وَ تَواضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِسُلطانِهِ وَ عَظَمَتِهِ ، وَ أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ ، وَ أَحصى عَدَدَهُ ، فَلا يَؤُدُهُ كَبيرٌ وَ لا يَعزُبُ عَنهُ صَغيرٌ ، الّذي لا تُدرِكُهُ أَبصارُ النَّاظرِينَ ، وَ لا تُحيطُ بِهِ صِفَةُ الواصِفينَ ، لَهُ الخَلقُ وَ الأَمرُ وَ المَثَلُ الأَعلى في السَّماواتِ وَ الأَرضِ ، وَ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ .
وَ الحَمدُ للّهِ الّذي شَرَعَ لِلإِسلامِ دينا ، فَفَضَّلَهُ وَ عَظَّمَهُ وَ شَرَّفَهُ وَ كَرَّمَهُ وَ جَعَلَهُ الدِّينَ القَيِّمَ لا يَقبَلُ غَيرَهُ ، وَ الصِّراطَ المُستَقيمَ الّذي لا يَضِلُّ مَن لَزَمَهُ ، و لا يَهتَدي مَن صُرِفَ عَنهُ ، وَ جَعَلَ فيهِ النُّورَ وَ البُرهانَ وَ الشِّفاءَ وَ البَيانَ ، وَ بَعَثَ بِهِ مَن اصطَفى مِن مَلائِكَتِهِ إِلى مَن اجتَبى مِن رُسُلِهِ ، في الأُمَمِ الخاليَةِ وَالقُرونِ الماضيَةِ ، حَتَّى انتَهَت رِسالَتُهُ إِلى مُحَمَّدٍ المُصطَفى صلى الله عليه و آله ، فَخَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ ، وَقَفى بِهِ عَلى آثارِ المُرسَلينَ ، وَبَعَثَهُ رَحمَةً لِلعالَمينَ وَبَشيرا لِلمُؤمِنينَ المُصَدِّقينَ ، وَنَذيرا لِلكافِرينَ المُكَذِّبينَ ، لِتَكونَ لَهُ الحُجَّةُ البالِغَةُ ، وَليَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ، وَيَحيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ، وَإِنَّ اللّهَ لَسَميعٌ عَليمٌ .
وَالحَمدُ للّهِ الّذي أَورَدَ أهلَ بَيتِهِ مَواريثَ النُّبوَّةِ ، وَاستَودَعَهُم العِلمَ وَالحِكمَةَ ، وَجَعَلَهُم مَعدَنَ الإِمامَةِ وَالخِلافَةِ ، وَأَوجَبَ وَلايَتَهُم وَشَرَفَ مَنزِلَتِهُم ، فَأَمَرَ رَسولَهُ بِمَسأَلَةِ أُمَّتِهِ مَوَدَّتَهُم ، إِذ يَقولُ : « قُل لَا أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى »۲ وَما وَصَفَهُم بِهِ مِن

1.ما بين المعقوفين من بحار الأنوار .

2.الشورى : ۲۳.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119706
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي