وَالبابُ الثَّالثُ : البَيانُ عَن إِعطائِنا إِيَّاهُ ما أَحَبَّ مِن مُلكِ التَّحَلِّي ، وَ حُليَةِ الزُّهدِ ، وَحُجَّةِ التَّحقيقِ لِما سَعى فيهِ مِن ثَوابِ الآخِرَةِ بِما يُتَقَرَّبُ في قَلبِ مَن كانَ شاكَّا في ذلِكَ مِنهُ ، وَ ما يَلزَمُنا لَهُ مِن الكَرامَةِ وَ العِزِّ وَ الحِباءِ الّذي بَذَلناهُ لَهُ وَ لأَِخيهِ ، في مَنعِهِما ما نَمنَعُ مِنهُ أَنفُسَنا ، وَذلِكَ مُحيطٌ بِكُلِّ ما يَحتاطُ فيهِ مُحتاطٌ في أَمرِ دينٍ وَ دُنيا . وَهذِهِ نُسخَةُ الكِتابِ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
هذا كِتابٌ وَشَرطٌ مِن عَبدِاللّهِ المَأمونِ أَميرِ المُؤمِنينَ وَوَلِيِّ عَهدِهِ عَليِّ بنِ موسى الرِّضا ، لِذي الرِّئاسَتَينِ الفَضلِ بنِ سهلٍ ، في يَومِ الإِثنَينِ لِسَبعِ لَيالٍ خَلَونَ مِن شَهرِ رَمَضانَ مِن سَنَةِ إِحدَى وَمئَتَينِ ، وَ هوَ اليَومُ الّذي تَمَّمَ اللّهُ فيهِ دَولَةَ أَميرِ المُؤمِنينَ ، وَعَقَدَ لِوَليِّ عَهدِهِ ، وَ أَلبَسَ النَّاسَ اللِّباسَ الأَخضَرَ ، وَ بَلَغَ أَمَلَهُ في إِصلاحِ وَليِّهُ وَ الظَّفَرِ بِعَدُّوِّهِ .
إِنَّا دَعَوناكَ إِلى ما فيهِ بَعضُ مُكافاتِكَ عَلى ما قُمتَ بِهِ مِن حَقِّ اللّهِ تَبارَكَ وَ تَعالى ، وَ حَقِّ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، وَ حَقِّ أَميرِ المُؤمِنينَ وَ وَلِيِّ عَهدِهِ عَليِّ بنِ موسى ، وَحَقِّ هاشِمٍ الَّتي بِها يُرجى صَلاحُ الِّدينِ وَ سَلامَةُ ذاتِ البَينِ بَينَ المُسلِمينَ ، إِلى أَن يَثبُتَ النِّعمَةُ عَلَينا وَعَلى العامَّةِ بِذلِكَ ، وَ بِما عاوَنتَ عَلَيه أَميرَ المُؤمِنينَ مِن إِقامَةِ الدِّينِ وَ السُّنَّةِ ، وَ إِظهارِ الدَّعوَةِ الثَّانيةِ وَ إِيثارِ الأَولى ، مَعَ قَمعِ المُشرِكينَ ، وَ كَسرِ الأَصنامِ ، وَقَتلِ العُتاةِ ، وَ سائِرِ آثارِكَ المُمَثَّلَةِ لِلأَمصارِ في المَخلوعِ ۱ وَقابِل ، وَ في المُسَمَّى بِالأَصفَرِ المُكَنَّى بِأَبي السَّرايا ، وَفي المُسَمَّى بِالمَهديِّ مُحَمَّدِ بنِ جَعفَرٍ الطَّالِبيِّ ، وَالتُّركِ الحولِيَّةِ ، وَ في طَبَرِستانَ وَ مُلوكِها ، إِلى بُندارَ هُرمُزَ بنِ شِروينَ ، وَ في الدَّيلَمِ وَ مَلِكِها مهورس ، وَ في كابُلَ وَ مَلِكِها هُرموس ، ثُمَّ مَلِكِها الأَصفَهبُدِ ، وَ في ابنِ البُرمِ ، وَ جِبالِ بدار بنده وغرشستان ، وَ الغور وَ أَصنافِها ، وَ في خُراسانَ خاقانَ وَ ملون صاحِبِ جَبَلِ التَّبَّتِ ، وَ في كيمان والتّغرغر ، وَ في إِرمينيَّةَ وَالحِجازِ ، وَ صاحِبِ السَّريرِ ، وَ صاحِبِ الخَزَرِ ، وَ في المَغرِبِ وَ حُروبِهِ ، وَ في تَفسيرِ ذلِكَ في ديوانِ السِّيرَةِ ،