415
مكاتيب الأئمة ج5

دخلت عليّ جارية فسلّمت فقلت : من أنت ؟
فقالت : أنا جارية من ولد عمّار بن ياسر وأنا زوجة أبي جعفرٍ محمّد بن عليّ الرّضا عليه السلام زوجك .
فدخلني من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك ، فهممت أن أخرج وأسيح في البلاد ، و كاد الشّيطان أن يحملني على الإساءة إليها ، فكظمت غيظي وأحسنت رفدها و كسوتها ، فلمّا خرجت من عندي المرأة نهضت ودخلت على أبي وأخبرته بالخبر و كان سكراناً لا يعقل .
فقال : يا غلام عليّ بالسّيف . فأتى به فركب و قال : واللّه لأقتلنّه . فلمّا رأيت ذلك قلت : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، ما صنعت بنفسي و بزوجي ! و جعلت ألطم حرّ وجهي ۱ . فدخل عليه والدي و ما زال يضربه بالسّيف حتّى قطّعه ، ثمّ خرج من عنده و خرجت هاربة من خلفه ، فلم أرقد ليلتي .
فلمّا ارتفع النّهار أتيت أبي ، فقلت : أتدري ما صنعت البارحة ؟
قال : و ما صنعت ؟
وقلت : قتلت ابن الرّضا عليه السلام . فبرق عينه و غشي عليه ، ثمّ أفاق بعد حين و قال : ويلك ما تقولين ؟
قلت: نعم واللّه يا أبت ، دخلت عليه و لم تزل تضربه بالسّيف حتّى قتلته . فاضطرب من ذلك اضطراباً شديداً و قال : عليّ بياسر الخادم . فجاء ياسر فنظر إليه المأمون و قال: ويلك ما هذا الّذي تقول هذه ابنتي ؟ قال : صدقت يا أمير المؤمنين . فضرب بيده على صدره و خدّه و قال : إنّا للّه و إنّا إليه راجعون ، هلكنا باللّه و عطبنا و افتضحنا إلى آخر الأبد ، ويلك يا ياسر فانظر ما الخبر والقصّة عنه عليه السلام و عجّل عليّ بالخبر ، فإنّ نفسي تكاد أن تخرج السّاعة .

1.حرُّ الوجه بالضمّ : ما بدا من الوجنة ( الصحاح : ج۲ ص۶۲۷ ) .


مكاتيب الأئمة ج5
414

جماعة من أصحابنا رحمهم الله منهم السيّد العالم أبو البركات و الشّيخ أبو القاسم عليّ بن محمّد المعاذي وأبو بكر محمّد بن عليّ المعمّريّ وأبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّه المدائنيّ ، قالوا كلّهم : حدّثنا الشّيخ أبو جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ـ قدّس اللّه روحه ـ قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن جدّه ، قال : حدّثني أبو نصر الهمدانيّ ، قال : حدّثتني حكيمة ۱ بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام قالت : لمّا مات محمّد بن عليّ الرّضا عليه السلام أتيت زوجته أمّ عيسى بنت المأمون فعزيتها فوجدتها شديدة الحزن و الجزع عليه تقتل نفسها بالبكاء و العويل فخفت عليها أن تتصدّع مرارتها فبينما نحن في حديثه و كرمه ووصف خُلقه و ما أعطاه اللّه تعالى من الشّرف و الإخلاص و منحه من العزّ و الكرامة إذ قالت أمّ عيسى : أ لا أخبرك عنه بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار . قلت:وما ذاك .
قال : كنت أغار عليه كثيراً واُراقبه أبداً وربّما يسمعني الكلام فأشكو ذلك إلى أبي فيقول يا بنية احتمليه فإنّه بضعة من رسول اللّه صلى الله عليه و آله فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ

1.حكيمة بنت أبي الحسن موسى عليه السلام : من بنات موسى بن جعفر ـ عليهما آلاف التّحية و الثّناء ـ ، الّتي تولّت ولادة الجواد عليه السلام بأمر الرّضا عليه السلام . حكيمة بنت أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، قالت : لمّا حضرت ولادة الخيزان ـ أُمّ أبي جعفرٍ عليه السلام ـ دعاني الرّضا عليه السلام فقال لي : يا حكيمة ، احضري ولادتها و ادخلي وإيّاها والقابلة بيتا . ووضع لنا مصباحا و أغلق الباب علينا ، فلمّا أخذها الطّلق طُفئ المصباح و بين يديها طست ، فاغتممت بطف ء المصباح ، فبينما نحن كذلك إذ بدر أبو جعفرٍ عليه السلام في الطّست ، وإذا عليه شيء رقيق كهيئة الثّوب ليسطع نوره حتّى أضاء البيت ، فأبصرناه ، فأخذته فوضعته في حجري و نزعت عنه ذلك الغشاء ، فجاء الرّضا عليه السلام ففتح الباب و قد فرغنا من أمره ، فأخذه فوضعه في المهد ، و قال لي : يا حكيمة إلزمي مهده . قالت : فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثمّ نظر يمينه و يساره ، ثمّ قال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه ، فقمت ذعرة فزعة ، فأتيت أبا الحسن عليه السلام ، فقلت له : سمعت عجبا من هذا الصّبي ! فقال : و ما ذاك ؟ فأخبرته الخبر ، فقال : يا حكمية ما ترون من عجائبه أكثر » ( راجع المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۳۹۴ ، الفوائد الرّجاليّة : ج ۲ ص ۳۱۵ ـ ۳۱۶ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119869
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي