53
مكاتيب الأئمة ج5

اللَّهِ» 1 يَعني مَن اتَّخَذَ دينَهُ رَأيَهُ بِغيرِ إِمامٍ مِن أَئِمَّةِ الهُدى .
فكتبت إليه : إنّه يعرض في قلبي ممّا يروي هؤلاء في أبيك . فكتب :
قَالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : ما أَحَدٌ أَكذَبَ عَلى اللّهِ وَ عَلى رَسولِهِ صلى الله عليه و آله مِمَّن كَذَّبَنا أَهلَ البَيتِ أَو كَذَبَ عَلَينا ؛ لأَنَّهُ إِذا كَذَّبَنا أَو كَذَبَ عَلَينا فَقَد كَذَّبَ اللّهَ وَ رَسولَهُ صلى الله عليه و آله ؛ لِأَنَّا إِنَّما نُحدِّثُ عَن اللّهِ تَبارَكَ وَ تَعالى وَ عَن رَسولِهِ .
قالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام ، وَ أَتاهُ رَجُلٌ فَقالَ : إِنَّكُم أَهلُ بَيتِ الرَّحمَةِ ، اختَصَّكُمُ اللّهُ بِها . فَقالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : نَحنُ كَذلِكَ ـ وَ الحَمدُ للّهِ ـ لَم نُدخِل أَحَدا في ضَلالَةٍ وَ لَم نُخرِجهُ عَن هُدَىً ، وَ إِنَّ الدُّنيا لا تَذهَبُ حَتَّى يَبعَثَ اللّهُ مِنَّا ـ أَهلَ البَيتِ ـ رَجُلاً يَعمَلُ بِكِتابِ اللّهِ عز و جل ، لا يَرى مُنكَرا إِلَا أَنكَرَهُ .
فكتب إليه : جُعلت فداك ، إنّه لم يمنعني من التّعزية لك بأبيك إلّا أنّه كان يعرض في قلبي ممّا يروي هؤلاء ، فأمّا الآن فقد علمت أنّ أباك قد مضى صلوات اللّه عليه ، فآجرك اللّه في أعظم الرّزيّة ، و هنّاك أفضل العطيّة ، فإنّي أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله صلى الله عليه و آله . ثمّ وصفت له حتّى انتهيت إليه . فكتب :
قَالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : لا يَستَكمِل عَبدٌ الإِيمانَ حَتَّى يَعرِفَ أَنَّهُ يَجري لِاخِرِهِم ما يَجري لِأَوَّلِهِم في الحُجَّةِ وَ الطَّاعَةِ وَ الحَرامِ وَ الحَلالِ سَواءٌ ، وَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَ لأَميرِ المُؤمِنينَ فَضلُهُما . وَ قَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَن ماتَ وَ لَيسَ عَلَيهِ إِمامٌ حَيٌّ يَعرِفُهُ ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً .
وَ قالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : إنَّ الحُجَّةَ لا تَقومُ للّهِ عز و جل عَلى خَلقِهِ إِلَا بِإِمامٍ حَيٍّ يَعرِفونَهُ .
وَ قالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : مَن سَرَّهُ أَلّا يَكونَ بَينَهُ وَبَينَ اللّهِ حِجابٌ حَتَّى يَنظُرَ إلى اللّهِ وَ ينظُرَ اللّهُ إِلَيهِ ، فَليَتَوَلَّ آلَ مُحَمَّدٍ وَ يَبرأَ مِن عَدُوِّهِم ، وَ يَأتَمَّ بِالإِمامِ مِنهُم ، فَإِنَّه إِذا كانَ كَذلِكَ نَظَرَ اللّهُ

1.القصص : ۵۰ .


مكاتيب الأئمة ج5
52

فحكى لك بعض أقاويلهم الّتي سألوك عنها ، فأقررت بذلك و لم تنفه عن نفسك ، ثمّ أجبته بخلاف ما أجبتهم ، و هو قول آبائك ، و قد أحببت لقاءك لتخبرني لأيّ شيء أجبت صفوان بما أجبته ، و أجبت أولئك بخلافه ، فإنّ في ذلك حياة لي و للناس ، و اللّه تبارك و تعالى يقول : « وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » 1 . فكتب عليه السلام :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
قَد وَصَلَ كِتابُكَ إِليَّ ، وَ فَهِمتُ ما ذَكَرتَ فيهِ مِن حُبِّكَ لِقائي وَ ما تَرجو فيهِ ، وَ يَجِبُ عَلَيكَ أَن أُشافِهكَ في أَشياءٍ جاءَ بِها قَومٌ عَنِّي ، وَ زَعَمتَ أَنَّهُم يَحتَجُّونَ بِحُجَجٍ عَلَيكُم وَ يَزعُمونَ أَنِّي أَجِبتُهُم بِخِلافِ ما جاءَ عَن آبائي ، وَ لَعَمري ما يُسمِعُ الصُّمَّ وَ لا يَهدي العُمي إِلَا اللّهُ «فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْاءِسْلَـمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآءِ كَذَ لِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ» 2 «إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» 3 . وَ قَد قَالَ أَبو جَعفَرٍ : لَو استَطاعَ النَّاسُ لَكانوا شيعَتَنا أَجمَعينَ ، وَ لكِنَّ اللّهَ تَبارَكَ وَتَعالى أَخَذَ ميثاقَ شيعَتِنا يَومَ أَخَذَ ميثاقَ النَّبيِّينَ .
وَ قالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : إِنَّما شيعَتُنا مَن تابَعَنا وَ لَم يُخالِفنا ، وَ مَن إِذا خِفنا خافَ ، وَ إِذا أَمِنَّا أَمِنَ ، فَأُولئِكَ شيعَتُنا . وَ قالَ اللّهُ تَبارَكَ وَ تَعالى : « فَسْـئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَّ » 4 وَ قالَ اللّهُ : «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَـآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» 5 فَقَد فُرِضَت عَلَيكُمُ المَسأَلَةُ وَ الرَّدُّ إِلَينا ، وَ لَم يُفرَض عَلَينا الجَوابُ ، قالَ اللّهُ عز و جل : «فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ

1.المائدة : ۳۲.

2.الأنعام : ۱۲۵ .

3.القصص : ۵۶.

4.النحل : ۴۳ ، الأنبياء : ۷ .

5.التوبة : ۱۲۲ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119772
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي