209
مشكاة الأنوار في غرر الأخبار

يا شيخ ! ارض للناس ما ترضى لنفسك ، وآت إلىَ الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك .
ثمّ أقبل على أصحابه وقال : أيّها الناس ، أما ترون إلى أهل الدنيا يُمسون ويُصبحون على أحوالٍ شتّى ، فبين صريعٍ يتلوّى وبين عائدٍ ومعودٍ ، وآخرٌ بنفسه يجود وآخرٌ لا يرجى وآخرٌ مسجّى ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافلٌ وليس بمغفولٍ عنه وعلى إثر الماضي يصير الباقي ، إنّ اللّه خلق خلقاً ؛ ضيّق عليهم الدنيا نظراً لهم فزهّدهم فيها وفي حُطامها ، فرغبوا في دار السلام الّذي دعاهم إليه، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا علىَ المَكروه ، واشتاقوا إلى ما عنداللّه مِن الكرامة ، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رِضوانٍ مِن اللّه ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا اللّه وهو عنهم راضٍ ، وعلموا أنّ الموت سبيل مَن مضى ومَن بقي ، وتزوّدوا لآخرتهم غير الذهب والفضّة، ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت، وقدّموا الفضل، وأحبّوا في اللّه وأبغضوا في اللّه ، اُولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة ، والسلام ۱ .

۵۷۶.ومِن سائر الكُتب :عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا يجد الرجل حَلاوة الإيمان حتّى لا يُبالي مِن أكل الدنيا ۲ .

۵۷۷.وقال صلى الله عليه و آله :حرامٌ على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهدوا في الدنيا ۳ .

۵۷۸.وقال صلى الله عليه و آله :إنّ في طلب الدنيا إضراراً بالآخرة ، وفي طلب الآخرة إضرارٌ بالدنيا [ فأضرّوا بالدنيا ] ۴ فإنّها أحقّ بالإضرار ۵ .

1.روضة الواعظين : ۴۴۴ ، معاني الأخبار : ۱۹۸ ، أمالي الصدوق : ۲۳۷ ، البحار : ۶۸ / ۱۸۱ / ۳۴ و۷۰ / ۸۹ / ۵۷ .

2.روضة الواعظين : ۴۳۴ ، الكافي : ۲ / ۱۲۸ / ۲ ، البحار : ۷۳ / ۴۹ / ۲۰ .

3.الكافي : ۲ / ۱۲۸ / ۲ ، البحار : ۷۰ / ۴۹ / ۲۰ .

4.من المصدر .

5.الكافي : ۲ / ۱۳۱ / ۱۲ ، البحار : ۷۰ / ۶۱ ۳۰ .


مشكاة الأنوار في غرر الأخبار
208

فمَن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه .
أيّها الناس ! الزهادة قصرُ الأمل والشكر عند النعم والورع عند المحارم ، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم ، ولاتنسوا عند النعم شكركم ، فقد أعذر اللّه إليكم بحججٍ مسفرةٍ ظاهرةٍ ، وكتبٍ بارزة العذر واضحةٍ ۱ .

۵۷۳.قال النبيّ صلى الله عليه و آله :إذا رأيتمُ الرجل قد اُعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنّه يُلْقي الحِكْمة ۲ .

۵۷۴.قيل للصادق صلى الله عليه و آله :ما الزهد في الدنيا ؟ قال : قد حدّ اللّه ذلك في كتابه فقال : «لِكَيْلاً تَأْسَوْا على ما فاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ»۳۴ .

۵۷۵.قال أميرالمؤمنين عليه السلام :مَن اعتدل يَوماه فهُو مغبونٌ ، ومَن كانت الدنيا همّه اشتّدت حسرتُه عند فراقها ، ومَن كان غده شرّ يوميه فمحرومٌ ، ومَن لم يُبال بما زوي ۵ مِن آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالكٌ ، ومَن لم يتعاهد النقص مِن نفسه غلب عليه الهوى ، ومَن كان في نقص فالموت خيرٌ له ، إنّ الدنيا خضرةٌ حُلوةٌ ولها أهلٌ ، وإنّ الآخرة لها أهل ظلفت ۶ أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا ، لاينافسون في الدنيا ولا يفرحون بغضارتها ولا يحزنون لِبؤسها .
ياشيخ ! مَن خاف البيات قلّ نومه ، ما أسرع الليالي والأيام في عُمر العبد ، فاخزن لسانك وعِد كلامك يقلّ كلامك إلاّ بخيرٍ .

1.روضة الواعظين : ۴۳۴ ، غرر الحكم : ۱ / ۴۴ / ۱۴۴ ، البحار : ۶۶ / ۳۱۶ / ۲۳ .

2.روضة الواعظين : ۴۳۷ ، البحار : ۶۷ / ۳۱۱ / ۹ .

3.الحديد (۵۷) :۲۳ .

4.روضة الواعظين : ۴۳۴ ،

5.في نسخة ب والمصدر «زرى ء» .

6.في نسخة ب «طاقت» والمصدر «طلقت» .

  • نام منبع :
    مشكاة الأنوار في غرر الأخبار
    المساعدون :
    هوشمند، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1418 ق
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 99353
الصفحه من 603
طباعه  ارسل الي