87
موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1

وما جاء في كلام الإمام الصادق عليه السلام في تبيان الوجه الأوّل من وجوه المرض «مرض البلوى» إشارة إلى هذه الحكمة أيضا ؛ لأنّ البلوى هي الاختبار ، وفلسفة الاختبارات الإلهيّة تربية الإنسان وتنمية قابليّاته الكامنة وتفتّحها .
إنّ حكمة المرض ليست وحدَها اختبارا إلهيّا بل الاختبار فلسفة الصحّة أيضا ، أي : لكلٍّ من الصحّة والمرض آثاره التربويّة الإيجابيّة ، وكلٌّ منهما ضروريّ لتكامل الإنسان ، وفي هذا الموضوع حكاية طريفة نقلها الإمام الصادق عليه السلام عن مرضٍ ألمّ بأميرالمؤمنين عليه السلام ، فعاده جماعة ، فسألوه عن حاله قائلين : كيف أصبحتَ يا أميرالمؤمنين ؟
فأجاب خلافا للمألوف : «أصبَحتُ بِشَرٍّ» .
فعجبوا من كلامه ، وقالوا : سبحان اللّه ! هذا كلام مثلك؟ !
فقال عليه السلام :
«قالَ اللّهُ تَعالى :« وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ »۱، فَالخَيرُ : الصِّحَّةُ وَالغِنى؛ وَالشَّرُّ : المَرَضُ وَالفَقرُ ابتِلاءً وَاختِبارا» .۲

1/1 . تزكية النفس

يتمثّل الدور التربويّ للمرض على الخاطئين في تمزيق حجب الغفلة ، وتبصيرهم ، وتزكية نفوسهم من الأدناس والأرجاس ، كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام :
«إذَا ابتَلَى اللّهُ عَبدا أسقَطَ عَنهُ مِنَ الذُّنوبِ بِقَدرِ عِلَّتِهِ» .۳

1.الأنبياء : ۳۵ .

2.الدعوات ، ص ۱۶۸ ، ح ۴۶۹ ، مجمع البيان ، ج ۷ ، ص ۷۴ ، بحارالأنوار ، ج ۸۱ ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۵ .

3.انظر : ص ۹۹ ، ح ۱۷۶ .


موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
86

لاجرم أنّ العقل لا يمكن أن ينكر الأسباب المجهولة للمرض ، وإن كان إثباتها يحتاج إلى دليل .
إنّ الرّوايات تثبت وجود أسباب مجهولة للأمراض إلى جانب الأسباب المادّيّة وذلك في سياق تأييدها لهذه الأسباب وتأكيدها إمكانَ الوقاية من بعض الأمراض عن طريق مكافحة أسبابها ۱ ، وهذه الأسباب في الحقيقة هي الحكمة من الأمراض في نظام الوجود .

الحِكمَةُ مِن المَرَضِ

لاريب في أنّ كلّ ظاهرة في نظام الوجود لا تخلو من الحكمة ، وإن كانت حكمتها خافية علينا . يقول الإمام الصادق عليه السلام في الحكمة من المرض :
«إنَّ المَرَضَ عَلى وُجوهٍ شَتّى : مَرَضُ بَلوى ، ومَرَضُ عُقوبَةٍ ، ومَرَضٌ جُعِلَ عِلَّةً لِلفَناءِ ...» .۲
لقد ذكر الإمام عليه السلام ثلاث حكم للأمراض وهي مجهولة على علم الطبّ ، وفيما يأتي حديث موجز لحكمة المرض من منظار الروايات المأثورة :

1 . التَّربية

إنّ أهمّ حكمة للمرض هي دوره التربويّ البنّاء في حياة الإنسان ، فقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
«المَرَضُ سَوطُ اللّهِ في الأَرضِ يُؤَدِّبُ بِهِ عِبادَهُ» .۳

1.كما ترى لعلاج الأمراض أسبابا اُخر غير العقاقير المعروفة كالدعاء ، والصدقة وهي التي لا يتيسّر لعلم الطبّ معرفتها . انظر : ص ۹۵ (منافع المرض) .

2.انظر : ص ۹۳ ، ح ۱۵۲ .

3.انظر : ص ۹۵ ، ح ۱۵۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
    المساعدون :
    خوش نصيب، مرتضي؛ سبحاني نيا، محمد تقي؛ افقي، رسول؛ سعادت فر، احمد
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 211234
الصفحه من 421
طباعه  ارسل الي