17
موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1

وبسبب هذا العلم الجمّ كان أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام يكرّر خطابه للناس قائلاً :
«سَلوني قَبلَ أن تَفقُدوني ، فَإِنَّ بَينَ جَنبَيَّ عُلوما كَثيرَةً كَالبِحارِ الزَّواخِرِ» .۱
وكان أئمّة أهل البيت عليهم السلام قاطبةً زاخرين بهذا العلم ، ولم يتلكّؤوا في جواب أيّ مسألة علميّة قطّ ، وقد قال الإمام الرضا عليه السلام في هذا الشأن :
«إنَّ العَبدَ إذَا اختارَهُ اللّهُ عز و جل لاُِمورِ عِبادِهِ شَرَحَ صَدرَهُ لِذلِكَ ، وأَودَعَ قَلبَهُ يَنابيعَ الحِكمَةِ ، وأَلهَمَهُ العِلمَ إلهاما ، فَلَم يَعيَ بَعدَهُ بِجَوابٍ ، ولا يُحَيَّرُ۲فيهِ عَنِ الصَّوابِ» .۳
من هنا ، لا ريب في أنّ أهل البيت عليهم السلام كانوا ملمّين بعلم الطبّ ، وإذا ثبت أنّهم قالوا شيئا يتعلّق بمسألة من مسائله ، فإنّ كلامهم مطابق للواقع حتما .

3 . الدين ومهنة الطبّ

مع أنّ الطبّ الوقائيّ قد حظي ـ كما بيّنا ـ باهتمام الأحكام الدينيّة ، وأنّ أئمّة الدين أصابوا من علم الطبّ ما أصابوا ، غير أنّ فلسفة الدين ليست الخوض في مهنة الطبّ ، لذا جعلت الروايات الإسلاميّة علم الدين قسيما لعلم الطبّ ۴ ، كما أنّ أهل البيت لم يخوضوا في الشؤون الطبّية كمهنة ، وأنّ فصل الفقه عن الطبّ ، وعمل الفقهاء عن عمل الأطبّاء ۵ دليل آخر أيضا على امتياز نطاق الدين عن نطاق الطبّ .

1.انظر : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ج ۱ ، ص ۳۰۶ (الباب العاشر) .

2.. في عيون أخبار الرضا عليه السلام : «لا يَحيدُ» أي لا يَميلُ ، وفي معاني الأخبار : «لا يَحارُ» و[ حارَ يَحارُ فلانٌ : ضَلَّ سبيلَهُ ويقال : حار في الأمر (المعجم الوسيط : ج ۲ ، ص ۲۱۱) .] وهما أنسب ممّا في المتن .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۰۲ ، ح ۱ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱ ، معاني الأخبار ، ص ۱۰۱ ، ح ۲ ، كمال الدّين ، ص ۶۸۰ ، ح ۳۱ ، الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۴۴۶ كلّها عن عبدالعزيز بن مسلم .

4.انظر : ص ۳۳ ، ح ۱ .

5.انظر : ص ۳۳ ، ح ۲ ، وح ۳ ، و ص ۳۴ ، ح ۵ .


موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
16

يبدو أنّ حاجة الإنسان الأوّل كانت تستدعي قيام الوحي لرفده ببعض العلوم التجريبيّة الضروريّة لحياته ، ويدعم هذا الرأي ما نقله السيّد رضي الدين علي بن طاووس قدس سره عن بعض الكتب :
«إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ أهبَطَ آدَمَ مِنَ الجَنَّةِ ، وعَرَّفَهُ عِلمَ كُلِّ شَيءٍ ، فَكانَ مِمّا عَرَّفَهُ النُّجومُ وَالطِّبُّ» . ۱
من هنا ، يمكننا أن نقول : إنّ بداية علم الطبّ كانت عن طريق الوحي ، ثُمّ زادته تجربة العلماء فاتّسع تدريجيّا ، ويتّسع على تواتر الأيّام ، لكنّ من زعم أنّ الوحي هو الطريق الوحيد لهذا العلم ، فإنّ كلامه لا يقوم على برهان عقليّ أو شرعيّ ، كما أثبتت التجربة بطلانه ، وما نُقل عن المرحوم الشيخ المفيد قوله إنّ طريقه : «السمع عن العالم بالخفيّات» يصحّ إذا قُصد أنّه أحد طرقه ، لا أنّه الطريق الوحيد ، وإلاّ فلا .

2 . أهل البيت وعلم الطبّ

تدلّ دراسة دقيقة للأحاديث المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام بشأن الخصائص العلميّة ، ومبادئ العلوم ، وأنواعها ۲ ، على أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام لم يتّصفوا بعلم الطبّ فحسب ، بل بالعلوم جميعا ، وليس ذلك عن طريق الاكتساب ، بل عن طريق خارق للعادة ، حتّى أنّهم أنّى شاؤوا أن يعلموا شيئا علموه ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام :
«إنَّ الإِمامَ إذا شاءَ أن يَعلَمَ عَلِمَ» .۳

1.انظر : ص ۳۴ ، ح ۶ .

2.انظر : أهل البيت في الكتاب والسنّة ، ص ۱۸۳ (خصائصهم في العلم) ، وص ۱۹۹ (أبواب علومهم) ، وص ۲۱۷ (مبادئ علومهم) . وموسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ج ۱۰ (علوم الإمام عليّ عليه السلام ) .

3.انظر : أهل البيت في الكتاب والسنّة ، ص ۲۳۳ (صفة علومهم) .

  • نام منبع :
    موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
    المساعدون :
    خوش نصيب، مرتضي؛ سبحاني نيا، محمد تقي؛ افقي، رسول؛ سعادت فر، احمد
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 172243
الصفحه من 421
طباعه  ارسل الي