عرفنا إذا أنّ خوض الأئمّة في المسائل الطبّية كخوضهم في سائر العلوم إذ كان خاصّا مؤقّتا لا عامّا دائما على نحو مراجعة الناس الأطبّاء ، وكان يمثّل نوعا من الكرامة والإعجاز .
ومن البديهيّ أنّ الناس لو كانوا قد اهتمّوا واستناروا بعلم أهل البيت عليهم السلامالجمّ ، وسجّلوا آثارهم العلميّة بإتقان ؛ لاستمتعت البشريّة هذا اليوم بذخائر علميّة ثقافيّة عظيمة في شتّى فروع العلم ، لكنّا نأسى على جهل المنزلة العلميّة لأهل البيت عليهم السلامإذ لم تُعرَف حقّ معرفتها ، كما أنّ ما اُثر عنهم لم يسلم من مكائد الساسة المحترفين المفترين ، حتّى نجد أنّ الظفر بتراثهم العلميّ هذا اليوم يحتاج إلى جهودٍ بالغةٍ .
ونظرا إلى ما قلناه نقوم فيما يأتي بتقويم الأحاديث التي وصلت إلينا عن أهل البيت عليهم السلام في القضايا الطبّية :
تقويم الأحاديث الطبّية من منظور الشيخ الصدوق
يحكم شيخ المحدّثين محمّد بن عليّ بن بابويه القمي المعروف بالصدوق رحمه الله على الأحاديث الطبّية بنحوٍ لا يمكن الركون إليه إلاّ في حالات خاصّة ، يقول رحمه الله :
«اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطبّ أنّها على وجوه :
منها : ما قيل على هواء مكّة والمدينة فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية .
ومنها : ما أخبر به العالم عليه السلام على ما عرف من طبع السائل ولم يتعدّ موضعه ؛ إذ كان أعرف بطبعه منه .
ومنها : ما دلّسه المخالفون في الكتب لتقبيح صورة المذهب عند الناس .
ومنها : ما وقع فيه سهو من ناقله .
ومنها : ما حُفظ بعضه ونُسي بعضه .