201
موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1

وَالشَّفَتانِ وَالأَسنانُ الَّتي تَصوغُ الصَّوتَ حُروفا ونِغَما كَالأَصابِـعِ الَّتي يَختَلِفُ في فَمِ المِزمارِ فَتَصوغُ صَفيرَهُ ألحانا ، غَيرَ أنَّهُ وإن كانَ مَخرَجُ الصَّوتِ يُشبِهُ المِزمارَ بِالدَّلالَةِ وَالتَّعريفِ ، فَإِنَّ المِزمارَ بِالحَقيقَةِ هُوَ المُشَبَّهُ بِمَخرَجِ الصَّوتِ .
قَد أنبَأتُكَ بِما فِي الأَعضاءِ مِنَ الغِناءِ في صَنعَةِ الكَلامِ وإقامَةِ الحُروفِ ، وفيها مَعَ الَّذي ذَكَرتُ لَكَ مَآرِبُ اُخرى ، فَالحَنجَرَةُ ؛ لِيَسلُكَ فيها هذا النَّسيمُ إلَى الرِّئَةِ فَتُرَوِّحَ عَلَى الفُؤادِ بِالنَّفَسِ الدّائِمِ المُتَتابِـعِ الَّذي لَوِ احتَبَسَ شَيئا يَسيرا لَهَلَكَ الإِنسانُ ، وبِاللِّسانِ تُذاقُ الطُّعومُ فَيُمَيَّزُ بَينَها ويُعرَفُ كُلُّ واحِدٍ مِنها ؛ حُلوُها مِن مُرِّها ، وحامِضُها مِن مُزِّها ۱ ، ومالِحُها مِن عَذبِها ، وطَيِّبُها مِن خَبيثِها ، وفيهِ مَعَ ذلِكَ مَعونَةٌ عَلى إساغَةِ الطَّعامِ وَالشَّرابِ .
وَالأَسنانُ تَمضَغُ الطَّعامَ ؛ حَتّى يَلينَ ۲ ويَسهُلَ إساغَتُهُ ، وهِيَ مَعَ ذلِكَ كَالسَّنَدِ لِلشَّفَتَينِ تُمسِكُهُما وتَدعَمُهُما مِن داخِلِ الفَمِ . وَاعتَبِر ذلِكَ بِأَنَّكَ تَرى مَن سَقَطَت أسنانُهُ مُستَرخِي الشَّفَةِ ومُضطَرِبَها .
وبِالشَّفَتَينِ يُتَرَشَّفُ الشَّرابُ ؛ حَتّى يَكونَ الَّذي يَصِلُ إلَى الجَوفِ مِنهُ بِقَصدٍ وقَدرٍ ، لا يَثِـجُّ ۳ ثَجّاً فَيَغَصَّ بِهِ الشّارِبُ ، أو يُنكَأَ ۴ فِي الجَوفِ ، ثُمَّ هُما بَعدَ ذلِكَ كَالبابِ المُطبَقِ عَلَى الفَمِ يَفتَحُهُمَا الإِنسانُ إذا شاءَ ويُطبِقُهُما إذا شاءَ .
فَفيما وَصَفنا مِن هذا بَيانُ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِن هذِهِ الأَعضاءِ يَتَصَرَّفُ ويَنقَسِمُ

1.المُزّ : بين الحلو والحامض (الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۹۶).

2.في بحار الأنوار : «تلين» ، والصواب ما أثبتناه.

3.ثَجَّ : سالَ ، والثَّجّ : السَّيَلان (القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۸۱).

4.أنكى : أي أوجع وأضَرّ . ونكيتُ في العدوّ نكايةً : إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل ، وقد يُهمَز فيقال : نَكَأت نَكْأً (مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۸۳۴) .


موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
200

ولا وَجَدَ رائِحَةً . ۱

۵۱۲.عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ . . . جَعَلَ الماءَ فِي المِنخَرَينِ ؛ لِيَصعَدَ مِنهُ النَّفَسُ ويَنزِلَ ، ويَجِدَ مِنهُ الرّيحَ الطَّيِّبَةَ مِنَ الخَبيثَةِ . ۲

۵۱۳.عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ عز و جل . . . جَعَلَ الأَنفَ بارِدا سائِلاً ؛ لِئَلاّ يَدَعَ فِي الرّأسِ داءً إلاّ أخرَجَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَثَقُلَ الدِّماغُ وتَدَوَّدَ . ۳

5 / 2

الإِشارَةُ إلَى ما في الحَنجَرَةِ مِنَ الحِكمَةِ

۵۱۴.الإمام الصادق عليه السلامـ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ: أطِلِ الفِكرَ ـ يا مُفَضَّلُ ـ فِي الصَّوتِ وَالكَلامِ وتَهيِئَةِ آلاتِهِ فِي الإِنسانِ ؛ فَالحَنجَرَةُ كَالاُنبوبَةِ لِخُروجِ الصَّوتِ ، وَاللِّسانُ وَالشَّفَتانِ وَالأَسنانُ لِصِياغَةِ الحُروفِ وَالنِّغَمِ ، ألاتَرى أنَّ مَن سَقَطَت أسنانُهُ لَم يُقِمِ السّينَ ، ومَن سَقَطَت شَفَتُهُ لَم يُصَحِّحِ الفاءَ ، ومَن ثَقُلَ لِسانُهُ لَم يُفصِحِ الرّاءَ؟ وأشبَهُ شَيءٍ بِذلِكَ المِزمارُ الأَعظَمُ ؛ فَالحَنجَرَةُ يُشبِهُ قَصَبَةَ المِزمارِ ، وَالرِّئَةُ يُشبِهُ الزِّقَّ ۴ الَّذي يُنفَخُ فيهِ ، لِتَدخُلَ الرّيحُ ، وَالعَضُلاتُ الَّتي تَقبِضُ عَلَى الرِّئَةِ لِيَخرُجَ الصَّوتُ كَالأَصابِعِ الَّتي تَقبِضُ عَلَى الزِّقِّ حَتّى تَجرِيَ الرّيحُ فِي المِزمارِ ،

1.الخصال ، ص ۵۱۳ ، ح ۳ ، علل الشرائع ، ص ۱۰۰ ، ح ۱ ، المناقب لابن شهرآشوب ، ج ۴ ، ص ۲۶۰ ، كلّها عن الربيع صاحب المنصور ، بحار الأنوار ، ج ۱۰ ، ص ۲۰۶ ، ح ۹ وج۶۱ ، ص ۳۰۹ ، ح ۱۷.

2.علل الشرائع ، ص ۸۷ ، ح ۲ ، الأمالي للطوسي ، ص ۶۴۶ ، ح ۱۳۳۸ ، وفيه «الرديّة» بدل «الخبيثة» ، وكلاهما عن ابن شبرمة ، بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۹۱ ، ح ۱۱.

3.علل الشرائع ، ص ۸۶ ، ح ۱ ، بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۲۹۱ ، ح ۱۰.

4.الزِّقّ : السّقاء ، أو جلد يُجزّ ولا ينتف ، للشراب وغيره (القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۴۱).

  • نام منبع :
    موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1
    المساعدون :
    خوش نصيب، مرتضي؛ سبحاني نيا، محمد تقي؛ افقي، رسول؛ سعادت فر، احمد
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 212468
الصفحه من 421
طباعه  ارسل الي