ذاته بأن يكون أمراً موجوداً في نفسه قائماً بذاته كما يرشدك إليه قوله فيما بعد بقوله : « لطيف بلا كيف » أي مجرّد مقدّس عن الماهيّة من دون أن يقوم شيء من صفاته بذاته .
وأيضاً يمكن أن يقال : التعبير عن علمه تعالى بنفي الجهل وعن قدرته بنفي العجز إرشاد بأنّ علم ما عداه تعالى لا يخلو عن مقارنة الجهل بأمرٍ مّا ، وكذا قدرته لا تخلو عن العجز كذلك ؛ لجواز اجتماع المتقابلين في ذات واحدة من جهتين حتّى أنّ العقول المقدّسة جاهلة بكنه ذاته تعالى ، وكذلك أمرها في جهلها في مرتبة ذاتها بما عداها ؛ لزيادة علمها على ذاتها ، فما ظنّك علم ۱ ما عداه . وذلك بخلاف علمه تعالى . فإنّه بحسبه ينفي الجهل مطلقاً ، وكذلك قدرته فإنّه بحسبه ينفي عنه العجز مطلقاً . وكذا الأمر في سائر صفاته الحقّة الأحديّة ، فإنّها على وجه لا يتصوّر ما يكون أكملَ ولا يتطرّق إليها ما يقابلها بوجه من الوجوه ، فلذا عبّر عنها بنفي ما يقابلها مطلقاً .
قال عليه السلام : أفنى الصورة . [ ص۱۱۷ ح۷ ]
أقول : أي صورة الكلام اللفظي مع مدلوله التصوّري . وفي فاتح الأوصياء المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ في نهج البلاغة المكرّم في خطبة مصدّرة وحده من كتفه ۲ بقوله الشريف : « وإنّه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها...» إلى آخر الخطبة ۳
.
قال : فقال الرجل . [ ص۱۱۷ ح۷ ]
أقول : الفاء للتفريع على أنّه إذا لم يكن معه شيء في الأزل ، فلا يكون مسموع بلا سمع ، فكيف يسمّى سميعاً خلطاً من ذلك الرجل بين السميع والسامع ، فأجاب عليه السلام بأنّ المراد به علمه بجميع ما يُسمع بذاته الحقّة في الأزل ، وإن لم يكن هنالك مسموع . أزاح عليه السلام توهّمه الثاني الخلطي بقوله : «لم نَصِفْه بالسمع المعقول» أي المعروف «في الرأس» .