في الأمر التشريعي والأحكام التشريعيّة التكليفيّة والوضعيّة المتعلّقة بأفعال المكلّفين نسخ فهو في الأمر التكوينّي والإضافات التكوينيّة في المعلومات الكونيّة والمكوَّنات الزمانيّة بداء.
فالنسخ كأنّه بداء تشريعيّ ، والبداء كأنّه نسخ تكوينيّ، ولا بداء في القضاء ، ولا بالنسبة إلى جناب القدّوس الحقّ ، والمفارقات المحضة من ملائكة القدسيّة ولا في متن الدهر الذي هو ظرف الحصول القارّ والنبات الباتّ ودعاء نظام الوجود كلّه ، إنّما البداء في القَدَر وفي امتداد الزمان الذي هو اُفق التقضّي والتجدّد ، وظرف السبق واللحوق ، والتدريج والتعاقب ، وبالنسبة إلى الكائنات الزمانيّة والهويّات الهيولائيّة .
وبالجملة ، بالنسبة إلى من في عالَمَيِ المكان والزمان ، ومن في عالم المادّة وأقاليم الطبيعة ، وكما حقيقة النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعيّ وانقطاع استمراره ، لا رفعه وارتفاعه عن وعاء الواقع ، فكذلك حقيقة البداء عند الفحص البالغ واللحاظ الفائز انبتات استمرار الأمر التكوينيّ وانتهاء اتّصال الإفاضة ونفاد تمادي الفَيَضان في المجعول الكونيّ والمعلول الزمانيّ .
ومرجعه إلى تجديد زمان الكون وتخصيص وقت الإفاضة بحسب اقتضاء الشرائط والمعدّات ، واختلاف القوابل والاستعدادات لا أنّه ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه ، وبطلانه في حدّ حصوله . هذا على مذاق الحقّ ومشرب التحقيق ۱ .
والصدوق أبو جعفر بن بابويه ـ رحمه اللّه تعالى ورضي عنه ـ مسلكه في كتاب التوحيد جعل النسخ من البداء ۲ ، وهذا الاصطلاح ليس برضيّ عندي؛ وأمّا علماء الجمهور ، فمحقّقوهم يصطلحون على تفسير البداء بالقضاء فها ابن الأثير في النهاية أورد بعض أحاديث البداء ، وفيه بداء اللّه عزّوجل أن مبتليهم ، ثمّ شرحه فقال : أي قضى بذلك ، وهو معنى البداء هاهنا لأنّ القضاء سابق والبداء استصو[ا]ب شيء عُلم