347
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

الإقرار بذلك وشرطه عليه . وهذا الفرق بين ما مضى وبين ما سيأتي يدلّ على البداء أي ترتّب الأشياء بصدورها عنه تعالى وتعاقبها بقياس بعضها إلى بعض لا غير .
قال : قال : علم وشاء . [ ص۱۴۸ ح۱۶ ]
أقول : لا خفاء في أنّ صفاتِه الكماليّةَ وإن كانت عينَ ذاته تعالى ـ بمعنى أنّ ذاته بذاته مصداق حملها ومطابَق ضدّها عليها ، وهذا لا ينافي تكثّر مفهوماتها وترتّب بعضها على بعض بحسب ما يتصوّرها ؛ إذ من المعلوم بَتَّةَ أنّه ـ جلّ سلطانه ـ بحقيقته وإنّيّته وذاته وصفاته متمجّد عن جميع ما عداه ، متقدّس عن سائر ما سواه وكلِّ ما في مُنَّة ۱ العقول إدراكه فإنّه في الهبوط عن حريم جناب الربوبيّة بمراحلَ لا تتناهى .
فمن الواجب المحتوم أن تعلم مع ذلك أنّ كلّ اسم نتعاطاه من تلك الأسماء القدسيّة وكلّ لفظ نستعملها من تلك الألفاظ الكماليّة في شيء من شؤونه وصفاته وجهاته واعتباراته لا يصحّ أن تكون هناك إلاّ على سبيلٍ آخَرَ متقدّسٍ متمجّد متعالٍ عن سبيل المعنى الذي نعقله ونتصوّره من ذلك الاسم ومن تلك اللفظة ومن أيَّة لفظ استعملناها مكانها ، فكلّ لفظ كماليّة فهي في صُنع ۲ الربوبيّة بمعنى أقدسَ وأرفعَ ممّا في وسع إدراكه ۳
العقول والأوهام ، وكلّ اسم قدسيّ لكمال حقيقي فهو له سبحانه بمعنى أعلى وأمجد من أن يعقل ويوصف ، والباري الحقّ بحيث لا يناسب ولا يشاكله ولا يضاهيه ولا يدانيه شيء من الأشياء في إنّيّته وذاته ، ولا في شيء من أوصافه وحيثيّاته حتّى إذا قلنا : إنّه موجود ، علمنا مع ذلك أنّ وجوده لا كوجود سائر ما دونه ، وإذا قلنا : إنّه يجيء ۴ ، علمنا أنّه بمعنى أمجد وأسنى ممّا نعلمه من العالم الذي هو غيره ، وكذلك في سائر الأسماء العزّيّة الجلاليّة ، والألفاظ القدسيّة الكماليّة .

1.«المُنَّة» : القوّة .

2.كذا . والظاهر : «صُقع».

3.كذا . إدراك.

4.كذا . والصحيح : «إنّه عالم » .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
346

إعياء النبوّة كان أعظم ، ثمّ الأوصياء ، ثمّ الأمثل فالأمثل .
هذا ردّ على بعض المتصوّفة الذاهبين إلى أنّ الأعمال الشرعيّة ساقط ۱ عن الكاملين حيث إنّها بمنزلة أعمال أهل الكيمياء ۲ إنّما يحتاج إليها النحاس ما لم تصر ذهباً ، وبمنزلة معالجات الأطبّاء للمرضى إنّما يحتاج إليها المرضى تبرئةً ۳ من المرض ، وبعد برئه وصحّته لا يحتاج إليها ، وأنت تعلم أنّ أمثال هذه الكلمات هذيانات .
قال عليه السلام : منذ كانت . [ ص۱۴۸ ح۱۴ ]
أقول : « منذ » و« مذ » قد تليهما الجملة الفعليّة أو الاسميّة ، والمشهور أنّهما حينئذٍ ظرفان مضافان ، قيل : إلى الجملة ، وقيل : إلى زمن مضاف إلى الجملة ، وقيل : مبتدءان ، فيجب تقدير زمنٍ مضافٍ إلى الجملة يكون هو الخبرَ ۴ .
قال عليه السلام : بالمحتوم . [ ص۱۴۸ ح۱۴ ]
أقول : بالحاء المهملة ، تقول : حتمتُ عليه الشيء : إذا أوجبتَه عليه . والحتم أيضاً : إحكام الأمر ، والحتم أيضاً : القضاء ۵ ، الذي لا اختيار في الخلق في مقتضيته .
قال عليه السلام : من ذلك . [ ص۱۴۸ ح۱۴ ]
أقول : أي بما كان وبما يكون ، والمحتوم منه ما كان لأنّه مضى ، فليس للّه تعالى فيه البداء ، فهو كالواجب الذي فاعله مجبور فيه .
قال عليه السلام : واستثنى عليه . [ ص۱۴۸ ح۱۴ ]
أقول : المراد بالاستثناء إن شاء اللّه تعالى . ومعنى الاستنثاء بيان أنّه ليس محتوماً بل يستثنى إن شئتُ خلقتُ وإن لم أشأ لم أخلق . واستعمال «علي» للدلالة على أنّه أخذ منه

1.الأولى أن يقال : «ساقطة» .

2.في المخطوطة : «الكيما» .

3.في المخطوطة : «المريضي كبرئه» .

4.انظر : مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۲۳۶ (منذ) .

5.انظر : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۹۲ (حتم). وانظر : شرح المازندراني ، ج ۵ ، ص ۷ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 53589
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي