37
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

وخصّ استعماله في عالم ۱ الإله .
وقد يقال : إنّ الجَبَروت فوق المَلَكوت ، كما أنّ الملكوت فوق الملك ۲ .
ولعلّ المراد به تفرّده بمالكيّة الأشياء ظاهرها وباطنها ؛ لأنّ الملك حقيقةً هو الغنيّ الّذي لا يستغني عنه شيء من الأشياء في شيء ، والقادر الّذي له ذات كلّ شيء ؛ لحصوله إمّا منه أو ممّا منه ، فكلّ شيء غيره فهو مملوك له ولا له إلى شيء فقر وفاقة .

قال قدس سره : وبحكمته . [ ص۲ ]
أقول : الحكيم هو المحكِم خلْقَ الأشياء .
والإحكام ـ بالكسر ـ هو الإتقان في التدبير وحسن التصوير والتقدير .
والحكيم أيضاً الّذي لا يفعل قبيحاً ولا يخلّ بواجب ، والّذي يضع الأشياء مواضعها .
والحكيم أيضاً العالم ؛ لاستقامته في الحكم بمعنى التصديق ، أو من الحكمة وهي العلم لغةً ، ومنه قوله تعالى : «يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ»۳ .
وعن ابن عبّاس : الحكيم الذي كمل في حكمته ، والعليم الذي كمل في علمه ۴ .
قال قدس سره : أظهر حججه على خلقه . [ ص۲ ]
أقول : الحُجّة لغةً بمعنى القصد ، ومنه الحَجّ ، وبمعنى الغلبة ، حججه أي غلبه ۵ .
ومنه الدليل ؛ إذ به تحصل الغلبة على الخصم ، كما في قوله : « ولقد حاج

1.في المخطوطة : «علم» ، وما أدرجناه من شرح صدر المتألّهين .

2.بحار الأنوار ، ج۸۷ ، ص۳۰۲ ، ذيل ح ۸۵ . وراجع : شرح صدر المتألّهين ، ص ۶ .

3.البقرة (۲) : ۲۶۹ .

4.المصباح للكفعمي ، ص۳۲۵ ؛ شرح صدر المتألهين ، ص۶ وفيهما من قوله : «الحكيم هو المحكم» . وراجع للمزيد : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۰۱ ؛ النهاية ج ۱ ص ۴۱۸ (حكم) .

5.راجع : لسان العرب ، ج ۲ ص ۲۲۸ ( حجج ) .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
36

أقول : أي بذاته لا بغيره ، وإلاّ لكان ممكناً مفتقراً إلى الغير .

قال قدس سره : قبل الأشياء . [ ص۲ ]
أقول : قبليّةً بالذات والدهر لتعاليه عن الزمان ، فهو الدائم الّذي به قوام الموجودات من العاليات والسافلات ، فهو القائم بذاته ، المقيم لغيره ، فهو القيّوم تعالى .
قال قدس سره : [ القاهر الذي ] لا يؤوده حفظها . [ ص۲ ]
أقول : أي لا يثقله ولا يشقّ عليه حفظ الأشياء . يقال : آده يؤوده : إذا أثقله وأجهده ؛ وأودت العود أوداً : إذا اعتمدت عليه حتّى أملته .
وفي إيراده صفة القهر إشارة بل دلالة على كونه ممّا لا يتعبه ولا يكلّه حفظ الأشياء ؛
لأنّ إيجاده وإدامته على الجود والإفاضة ، لا على الاستكمال والانفعال كما في غيره من الفاعلين حيث إنّ فعلهم لغرض زائد على ذاتهم ، به استكمالهم ، فيلزمهم الانفعال والتعب والكلال ، والانتقال من حال إلى حال .
قال قدس سره : تفرّد بالملكوت . [ ص۲ ]
أقول : [ الملكوت ] من المِلك بالكسر ، وهو كالمملكة في المعنى ، كما أنّ المملكة كالمُلك بالضمّ فيه ، وخصّ استعماله في المملكة الباطنة ، فيقال : الملك ، أي المملكة الظاهرة ۱ .
والجَبَروت أيضاً « فَعَلُوت » من الجبر ۲ ، وإنّه تعالى جبّار ؛ لجبره نقائص الممكنات بإفاضة الخيرات عليها ، وبكسو العناصر صور المركّبات ، فيجبر نقصانها .

1.مُلك اللّه تعالى ومَلَكُوته : سلطانه وعظمته . ولفلانٍ مَلَكُوتُ العراق ، أي عزّه وسلطانه ومُلكه ، عن اللحياني . والمَلَكوت من المُلْك كالرَهَبُوت من الرَهْبَة ، ويقال للمَلَكوت : مَلْكُوَة ، يقال : له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوَة العراق أيضاً مثال الترقُوَة ، وهو المُلْك والعزِّ . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۹۲ (ملك) .

2.وقال بن منظور : «الجبّار : المتكبّر الذي لايرى لأحد عليه حقّا ... وفي الحديث : سبحان ذي الجَبَروت والمَلَكوت ، هو فَعَلوت من الجبر والقهر» . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۱۱۳ (جبر) .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54232
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي