الاستفهام والاستطاعة للّه كان في أوائل حالهم من عدم الاتّفاق والاستحكام لهم .
ثمّ إنّ للاستطاعة إطلاقاتٍ ثلاثةً :
أوّلها : القدرة على ما لم يتعلّق بمنافيه مشيّة للّه تعالى ويعبّر عنها بمشيّة من لا يكون إلاّ ما شاء اللّه بخلاف ما عليه المفوّضة من المعتزلة حيث يتركون هذا القيد ، ويقولون : إنّه يكون للعبد بقدرته وإن تعلّقت مشيّة بعدمه إلاّ أن يجبره .
والاستطاعة في هذا الخبر هو هذا حيث وقع فيه سبب وارد من اللّه حيث لم يتعلّق بمنافيه بل تعلّق به ، وبطل ما عليه المفوّضة من التفويض بكلا معنييه حيث اعتبروا في معنى الثاني عدم توقّف فعل العبد على إذنه تعالى ومشيّته . وفي المعنى الأوّل عدم قدرته تعالى على صرف العبد عن فعله إلاّ بالقسر والإلجاء .
ثمّ إنّ الاستطاعة المنفيّة في سورة الكهف بقوله تعالى حكاية عن الخضر عليه السلام خطاباً لموسى : « إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا »۱ وفي سورة بني إسرائيل : « فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً »۲ محمولة على هذا المعنى .
وثانيها : التمكّن من الشيء ، وهو معناها لغة ، ويسمّى بالفارسيّة «توان» و«توانايى».
وثالثها : آلة في الحال يظنّ بحسبها أنّه استحقّوا القدرة على شيء في حال بعد تلك الحال إن لم يترك ذو الآلة باختياره شيئاً ممّا يقدر عليه من الشروط لذلك الشيء كما في قوله تعالى : « وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً »۳ كما سيأتي في خامس باب استطاعة الحجّ من كتاب الحجّ .
قال : فسّر لي . [ ص۱۶۱ ح۱ ]
أقول : أي أوضح لي مثال هذا أي عدم تحقّق الاستطاعة بدون سبب وإرادةٍ من اللّه مع تحقّق الثلاث . «قال : إن يكون» أي مثاله أن يكون ، وقوله : «يريد» أي يعزم في الحال