409
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

وأما الثاني من الاعتراض ، ففيه أنّ مبناه على عدم بقاء الأعراض ، وهذا كما ترى وتفصيله في موضعه .
قال عليه السلام : والرضا . [ ص۱۶۴ ح۱ ]
أقول : المقصود من الرضا ما يقابل الغضب لا ما يقابل السخط ، وهو الفرح ، وهو كيفيّة نفسانيّة يتبعها حركة الروح إلى خارج البدن قليلاً طلبا للوصول إلى اللّه ، وأمّا الغضب ، فهو أيضاً كيفيّة نفسانيّة يتبعها حركة الروح إلى الخارج دفعةً طلبا للانتقام ۱ ، وإنّما لم يذكر الصحّة والمرض حيث إنّ مبنى الرواية على ردّ ما يتوهّم أن يكون للعباد فيه صنع .

[ باب حجج اللّه على خلقه ]

قال عليه السلام : أن يعرّفهم . [ ص۱۶۴ ، ح۱ ]
أقول : بتشديد الراء أي أن يعرّف كلّ أحد ما يكلّفه به ، وذلك بصرف دواعيه إلى النظر فيما يعلم به الصانع للعالم وفي معجزة النبيّ بحيث يجعل عقيبها العلم بهما ، ثمّ اتّصال الخطاب التكليفي بوجوب التصديق أي الطوع لما علم ونحو ذلك .
قال : شيئاً . [ ص۱۶۴ ح۲ ]
أقول : أي مطلقاً فيرجع إلى السلب الكلّي ، ويحتمل أن يكون المراد شيئاً مفروضاً، فيرجع إلى السلب الجزئي ، هل عليه شيء من الإثمّ مطلقاً أو في ذلك الشيء ؟ قال : لا .
قال عليه السلام : موضوع عنهم . [ ص۱۶۴ ح۳ ]
أقول : أي خارج عنهم .
قال : فأملى عَلَيّ . [ ص۱۶۴ ح۴ ]
أقول : الاملاء أن يقول أحد شيئا ويكتبه آخر .
قال عليه السلام : ثَمَّ . [ ص۱۶۴ ح۴ ]

1.راجع : شرح المقاصد ، ج۱ ، ص۲۵۱ ؛ الحكمة المتعالية ، ج۱ ، ص۱۵۰ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
408

علّته وعلّة إيجاده عندهم هو القدرة والاختيار فقط ، فيكون أثره بانعدامه أو بانعدام أحدهما ، وما يكون كذلك لا يكون مقدوراً ومخلوقاً . انتهى .
ولا يخفى أنّ خلقه الموت عبارة عن [...] فيضه وانجذال عن إفاضة الوجود واستمراره وهذا [...] أنّ عدم المعلول بعدم علّته .
ثمّ إنّ الجهل عدم العلم عمّا شأنه الاتّصاف به لا كونه بعدم العلم .
ثمّ إنّ المراد من كونه فعل اللّه تعالى أنّه لم يفض المعرفة على العبد ، فيكون جاهلاً بسوء استعداده كما أنّ المعرفة بحسن استعداده ، وأمّا الجهل المركّب في عدم كونه فعل العبد بل فعله تعالى بسوء استعداد العبد ، فلأنّه مماثل للتصديق متّحد معه في تمام الماهيّة إذ لا اختلاف بينهما إلاّ بعارض .
أمّا أوّلاً ، فلاشتراكهما في الإذعان [...] وافتراقهما بأنّ أحدهما مطابق للواقع والآخر غير مطابق له ، وهو خارج عنهما لأنّ النسبة غير داخلة في حقيقة المثبتين ، والاختلاف بالخارج لا يوجب الاختلاف بالذات .
وأمّا ثانياً ، فلأنّ من اعتقد أنّ زيدا في الدار طول النهار وقد كان فيها إلى الظهر ، ثمّ خرج عنه كان له اعتقاد واحد مستمرّ لا اختلاف في ذاته مع أنّه كان علماً ثمّ صار جهلاً .
وأمّا الاعتراض عليه بأنّ المطابقة واللاّ مطابقة أخصّ صفات النفس للجهل والعلم ، والاختلاف فيه يستلزم الاختلاف في الذات وبالاثم إنّ ذات الاعتقاد في الحالين واحد ، بل هي على التجدّد والتقضيّ ، فما دام زيد في الدار فالمتجدّد علم وحين خرج عنه ، فالجهل هو المتجدّد الآخر ، فهو غير وارد لعدم تبدّل ما هو حقيقة الانكشاف في الصورتين .
ألا ترى أنّ المنكشف والمعلوم بالجهل المركّب أمر واحد نسب هذا الأمر إلى الخارج عنه سواء وجد مطابقه فيه أو لا .
ولذا قال خاتم المحصّلين في نقده المحصّل : إنّ المعلوم من حيث هو علم ليس يختلف وإنّما يختلف بسبب متعلّقاته ، فيكون تماثل العلوم لذواتها واختلافها بسبب اختلاف متعلّقاتها .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 44599
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي