قال بعض من عاصرناه في سالف الزمان : وهو دليل على القدريّة : إنّه تعالى لم يشأ إيمانهم أجمعين ، وأنّ من شاء إيمانه مؤمن لا محالة ، والتقييد يشبه 1 الإلجاء خلاف الظاهر . 2 انتهى .
وهذا كما ترى ينافي ما رواه الصدوق في العيون عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون يوماً عليّ بن موسى الرضا عليه السلام فقال : يابن رسول اللّه ! ما معنى قول اللّه عزّوجلّ : « وَ لَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ » 3 ؟ فقال الرضا عليه السلام : « حدّثني موسى بن جعفر ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ المسلمين قالوا لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : لو أكرهت يا رسول اللّه من قدرت عليه من الناس على الإسلام ، لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما كنت لآتي 4 اللّه ـ عزّوجلّ ـ بدعة لم يحدّث لي 5 فيها [ شيئاً ] وما أنا من المتكلّمين 6 . فأنزل اللّه تبارك وتعالى : يا محمّد! « لَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا » 7 على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية الناس 8 في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثواباً ولا مدحاً ، ولكنّي اُريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخير 9 في جنّة الخلد ، « أَفَأَنت
1.في المصدر «بمشيئة» .
2.تفسير البيضاوي ، ج۳ ، ص۲۱۶ .
3.يونس (۱۰) : ۹۹ ـ ۱۰۰ .
4.في المصدر : «لألقى» .
5.في المصدر : «إليّ» .
6.في المصدر : «المتكلّفين» .
7.يونس (۴۱۰) : ۹۹.
8.في المصدر : «رويه البأس» .
9.في المصدر : «دوام الخلود» .