419
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

قال بعض من عاصرناه في سالف الزمان : وهو دليل على القدريّة : إنّه تعالى لم يشأ إيمانهم أجمعين ، وأنّ من شاء إيمانه مؤمن لا محالة ، والتقييد يشبه 1 الإلجاء خلاف الظاهر . 2 انتهى .
وهذا كما ترى ينافي ما رواه الصدوق في العيون عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون يوماً عليّ بن موسى الرضا عليه السلام فقال : يابن رسول اللّه ! ما معنى قول اللّه عزّوجلّ : « وَ لَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ » 3 ؟ فقال الرضا عليه السلام : « حدّثني موسى بن جعفر ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ المسلمين قالوا لرسول اللّه صلى الله عليه و آله : لو أكرهت يا رسول اللّه من قدرت عليه من الناس على الإسلام ، لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما كنت لآتي 4 اللّه ـ عزّوجلّ ـ بدعة لم يحدّث لي 5 فيها [ شيئاً ] وما أنا من المتكلّمين 6 . فأنزل اللّه تبارك وتعالى : يا محمّد! « لَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا » 7 على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية الناس 8 في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثواباً ولا مدحاً ، ولكنّي اُريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخير 9 في جنّة الخلد ، « أَفَأَنت

1.في المصدر «بمشيئة» .

2.تفسير البيضاوي ، ج۳ ، ص۲۱۶ .

3.يونس (۱۰) : ۹۹ ـ ۱۰۰ .

4.في المصدر : «لألقى» .

5.في المصدر : «إليّ» .

6.في المصدر : «المتكلّفين» .

7.يونس (۴۱۰) : ۹۹.

8.في المصدر : «رويه البأس» .

9.في المصدر : «دوام الخلود» .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
418

قال عليه السلام : للقلب . [ ص۱۶۶ ح۳ ]
أقول : أي يكون مرض القلب في المخاصمة كثيراً ، فإنّ معنى المخاصمة أن يتجاوز في دعاء أهل الباطل إلى الحقّ حدّ النصيحة حيث إنّ ذاك يجعل أهل الباطل اشدّ انهماكا في الباطل .
ثمّ إنّ المراد من القلب إمّا قلب المتكلّم ، وإمّا قلب المخاطب . ويؤيّده ما تقدّم في خامس باب النهي عن الكلام في الكيفيّة من قوله : «وتردّى صاحبها» .
قال عليه السلام : إنّ اللّه . [ ص۱۶۶ ح۳ ]
أقول : تسلية لهم ليتركوا اتّباع دواعي المجادلة والمعاندة .
قال عليه السلام : يهدي من يشاء . [ ص۱۶۶ ح۳ ]
أقول : لعلّ المراد من الهداية في الموضعين التعريف والتوفيق ، وهو أن يفعل ما لم يعلم فاعله أنّه لو فعله لاختار الموفّق الطاعة بدون جبر ، ولا يقدر على هذا غيره تعالى حيث إنّ بيده ملكوت السماوات والأرض و « لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ »۱ وإذا عجز نبيّه صلى الله عليه و آله ولدّا دعاه اللّه واللّه إلى اللّه الإعراض إذا سمعوا من المخالفين اللغو فأنتم فيه أعجز .
قال عليه السلام : تكره الناس . [ ص۱۶۶ ح۳ ]
أقول : ظاهر هذه الآية أنّ المراد بالإيمان في قوله تعالى : « وَ لَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَأَمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا»۲ بالإيمان بالإلجاء كما يدلّ عليه قوله : « أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ »۳ .
ويؤيّده ما ذكره الشيخ الطبرسي في تفسيره لهذه الآية على ما سأتلو عليك منه ذكره .

1.سبأ (۳۴) : ۳ .

2.يونس (۱۰) : ۹۹ .

3.تتمّة الآية السابقة .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54476
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي