51
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

مشحون بمدح العلم والحكمة والأمر بالتفكّر والتدبّر في آيات لا تحصى .
قال قدس سره : بقول الحقّ . [ ص۶ ]
أقول : أي بأن يقولوا الحقّ أو مأمورين بالأوامر والنواهي ، والأوّل أولى بسبب قول اللّه « وَ الْحِكْمَةَ »۱ في الكتاب .

قال قدس سره : ليتفقّهوا في الدين . [ ص۶ ]
أقول : استشهد بالآية على وجوب التفقّه في الدين ؛ إذ فيها الأمر على أبلغ وجه لأنّ معناها : فهلاّ نفر من كلّ جماعة جماعة ليتكلّفوا أنفسها في الدين والمعرفة باُصول الإيمان وقواعد العقائد على نمط البرهان ويتحشّموا ميثاق تحصيلها ، « وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ »۲ يعني : ولْيَكن غاية نفرهم وسعيهم بعد تحصيل المعرفة النصيحة لقومهم والوعظ لهم والإنذار عند الرجوع كما هو دأب السالكين إلى اللّه من الأنبياء والأولياء عليهم السلام ، فإنّهم شرعوا أوّلاً في استكمال نفوسهم وطلب القربة إليه تعالى ، ثمّ إذا فرغوا من التحصيل ورجعوا إلى مواطن النفوس وإيفاء الحقوق ، اشتغلوا بالتكميل والإرشاد بعد التكمّل والرشاد .
وأمّا الذي صَبَغهُ الزمخشري بيد البلاغة حيث قال :
ليجعلوا عرضهم ورمي هممهم ۳ في التفقّه إنذارَ قومهم وإرشادَهم والنصيحةَ لهم ، لا ما ينتحيه الفقهاء من الأغراض الخسيسة ، ويرمونه ۴ من المقاصد الركيكة من القصد ۵ والترؤّس والتبسّط في البلاد والتشبّه بالظَلَمة في ملابسهم ومراكبهم ، ومنافسة بعضهم بعضاً ، وفشوّ ۶ داء الضرائر بينهم ، وانقلاب حماليق لحدّهم ۷ إذا

1.آل عمران (۳) : ۸۱ .

2.التوبة (۹) : ۱۲۲ .

3.في المصدر : «غرضهم ومرمى «همتهم» بدل «عرضهم ورمي هممهم» .

4.في المصدر : «يؤمونه» .

5.في المصدر : «التصدر» .

6.في المخطوطة : «منافيه » ، وما أدرجناه من فيض القدير.

7.في المصدر : «أحدهم» ، وفي فيض القدير : «حدقتهم».


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
50

وعلم النبات وخواصّ الأدوية والمركّبات وعلم عجائب المخلوقات ، وأدلّ وأشهد من هذه العلوم كلّها علم النفس الآدميّة وتشريح قواها الروحانيّة والجسمانيّة ؛ لاشتمالها على زبدة ما في العالمين ، وفيها اُنموذج من كلّ شيء يوجد في النشأتين كما قيل : ليس بمستنكر أن يجمع العالم في واحد ۱ .
قال قدس سره : فندبهم . [ ص۶ ]
أقول : أي أمرهم إلى معرفته ليعلموا أن لا يجوز لهم الجهل بمعرفته ويجهلوا من الإسلام وأحكامه .
قوله «لأنّ الحكيم» إلى قوله : « لمن له » أي أهليّة العلم وقوّة الاجتهاد .
قوله : «فقال جلّ ثناؤه» إلى آخر الآية ، يدلّ على أنّه تعالى أخذ على أهل الكتاب الميثاق ، أي أوجب عليهم القول الحقّ وحرّم عليهم أن يقولوا في صفاته وأفعاله وأحكامه تعالى إلاّ الصواب ، وأن يفتروا على اللّه الكذب ، واجترأوا عليه بما تنزّه عنه من الولد والصاحبة والتجسّم والتحديد والتشبيه وغير ذلك ممّا منشؤه الجهل به تعالى وآياته ، ثمّ قال : بل كذبوا بمدحهم وذمّهم بالتكذيب والإنكار لما جاءت به الكتب والرسل بسبب ما لم يعلموا ولم يحيطوا به علماً من أحوال المبدأ والمعاد بل القرآن مشحون بذمّ الذين لا يعلمون ، والذين يتكلّمون بغير علم ، ويحكمون من غير حجّة وبرهان ، والذين يقولون : آمنّا ولم يؤمن قلوبهم ، وقد شبّه اللّه الجهّال تارةً بالأنعام بل أضلّ سبيلاً ، وتارةً بالدّوابّ ، وتارة بالحمار ، وتارةً بالكلب ، واُخرى مسخهم قردةً خاسئين ، ومرّةً ألحقهم بالشياطين ، وطوراً دعا عليهم بقوله : « قَـتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ »۲ وقوله : « فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا »۳ كما أنّه

1.أصله بيت شعر كما ورد في روضة الطالبين ، ج ۱ ، ص ۵۲ ؛ و شرح ابن أبي الحديد ، ج ۷، ص ۲۰۳ ، ونصّه هكذا : «ليس على اللّه بمستنكر أن يجمع العالم في واحد»

2.التوبة (۹) : ۳۰ .

3.البقرة(۲) : ۱۰ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 53947
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي