مشحون بمدح العلم والحكمة والأمر بالتفكّر والتدبّر في آيات لا تحصى .
قال قدس سره : بقول الحقّ . [ ص۶ ]
أقول : أي بأن يقولوا الحقّ أو مأمورين بالأوامر والنواهي ، والأوّل أولى بسبب قول اللّه « وَ الْحِكْمَةَ »۱ في الكتاب .
قال قدس سره : ليتفقّهوا في الدين . [ ص۶ ]
أقول : استشهد بالآية على وجوب التفقّه في الدين ؛ إذ فيها الأمر على أبلغ وجه لأنّ معناها : فهلاّ نفر من كلّ جماعة جماعة ليتكلّفوا أنفسها في الدين والمعرفة باُصول الإيمان وقواعد العقائد على نمط البرهان ويتحشّموا ميثاق تحصيلها ، « وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ »۲ يعني : ولْيَكن غاية نفرهم وسعيهم بعد تحصيل المعرفة النصيحة لقومهم والوعظ لهم والإنذار عند الرجوع كما هو دأب السالكين إلى اللّه من الأنبياء والأولياء عليهم السلام ، فإنّهم شرعوا أوّلاً في استكمال نفوسهم وطلب القربة إليه تعالى ، ثمّ إذا فرغوا من التحصيل ورجعوا إلى مواطن النفوس وإيفاء الحقوق ، اشتغلوا بالتكميل والإرشاد بعد التكمّل والرشاد .
وأمّا الذي صَبَغهُ الزمخشري بيد البلاغة حيث قال :
ليجعلوا عرضهم ورمي هممهم ۳ في التفقّه إنذارَ قومهم وإرشادَهم والنصيحةَ لهم ، لا ما ينتحيه الفقهاء من الأغراض الخسيسة ، ويرمونه ۴ من المقاصد الركيكة من القصد ۵ والترؤّس والتبسّط في البلاد والتشبّه بالظَلَمة في ملابسهم ومراكبهم ، ومنافسة بعضهم بعضاً ، وفشوّ ۶ داء الضرائر بينهم ، وانقلاب حماليق لحدّهم ۷ إذا