الراشحة السادسة والثلاثون
[ في ترتيب أقسام الحديث الخمسة الأصليّة ]
الحقّ أنّ ترتيبَ أقسام الحديث الخمسة الأصليّة الترجيحي على سبيل ما آثرناه من التقديم والتأخير في ترتيبها الذِكْري .
ومنهم من يرجّح الموثّق على الحسن ويجعله تالياً للصحيح في المرتبة ؛ نظراً إلى أنّ الثقة في الحديث أهمُّ في الغرض وأحقُّ بالاعتبار في قبول الرواية والوثوق بها من الاستقامة في الاعتقاد .
ولاثقة بتنطّعه ؛ ۱ لأنّ حقيقة الإيمان وصحّة العقيدة مناط أصالة الصحّة في القول والفعل ، ومهيّئ جوهر النفس لملازمة جادّة التحفّظ ، ومراعاة مسلك الاحتياط ، والباعث على تحرّي مُسالَكة سبيل الحقّ ، وتوخّي مُسامَتَة وِجْهة الصواب .
وأيضاً الفسق شريطة وجوب التثبّت ، وأعظم الفسوق عدم الإيمان ، فإذا اجتمع الإيمان واستحقاق المدح بحسب الصفات والأفعال من غير غميزة ورذيلة كان أوثقَ في قبول الرواية من مجرّد الثقة اللسانيّة الغير الجنانيّة ، والاستقامة العملانيّة الغير الإيمانيّة .
ثمّ منهم مَن يقدّم القويّ ويرجّحه على الموثّق ويجعل مرتبته تالية لمرتبة الحَسَن لمساهمته إيّاه من جهة استقامة العقيدة ؛ ترجيحاً لجانب الإيمان مع عدم ظهور فسق ، وعدم الشين بذمّ .
والأصوب أنّ الانسلاخ عن استحقاق المدح في الظاهر رأساً يصحّح ترجيح جانب العدالة الثابتة وإن لم يكن قادحاً في قبول الرواية ؛ لعدم ما يوجب الردّ أو التثبّت ؛ ولأصالة صحّة الأقوال والأفعال مع أصل جوهر الإيمان الصحيح الثابت .