193
الرواشح السماوية

الراشحة السابعة والثلاثون

[ في الأقسام الفرعيّة للحديث ]

وللحديث أقسام فرعيّة مِن بعد القسمة الأُولى ، غيرُ مستوجبة ألبتّة أن تكون متباينةً بحسب التحقّق ، ولا هي مباينة التحقّق لأقسام القسمة الأُولى الأصليّة ، بل هي متباينة المفهومات ، متداخلة التحقّق ، ومداخلة الأقسام المتأصّلة ، أكثرُها مشتركة بين خمستها جميعا ، وعِضةٌ منها مختصّة بخامسها وهو الضعيف ، فلْنَتْلُها عليك على نمطٍ وسطٍ من القول ، والبسطُ والتفصيلُ على ذمّة مقامٍ آخَرَ .

المستفيض

ويقال له : المشهور ، والشائع . وهو ما ذاع وشاع : إمّا عند أهل الحديث خاصّةً دون غيرهم ، بأن نقله منهم رواة كثيرون .
وإذا كان لحديثٍ طرق عديدة ، وأسانيدُ متلوّنة ، فسنّة أصحاب الحديث أنّهم لايهتمّون بتصحيح السند والتعمّق في حال رجاله ؛ فإنّ مثل هذا عندهم يلحق بالمتواترات ؛ ولذلك كثيرا مّا يقول شيخ الطائفة في التهذيب والاستبصار في مثل ذلك من الحديث المتعدّد الطريق ، المتكثّر الإسناد : «إنّ ذلك قد أخرجه من حيّز الآحاد إلى التواتر» . ۱ وهذا ليس يعرفه إلاّ أهل الصناعة .
وإمّا عندهم وعند غيرهم ، كحديث : «إنّما الأعمال بالنيّات» . ۲
وإمّا عند غيرهم خاصّة وهو ممّا لا أصل له عندهم .

1.لم أعثر على هذه العبارة ونحوها في التهذيب والاستبصار .

2.التهذيب ۱ : ۸۳ ، ح ۲۱۸ ؛ الأمالي للطوسي : ۶۱۸ ، ح ۱۲۷۴ ، المجلس ۲۹ ؛ صحيح البخاري ۱ : ۳ ، ح ۱ ؛ صحيح مسلم ۳ : ۱۵۱۵ ـ ۱۵۱۶ ، ح ۱۹۰۷ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۲۶۲ ، ح ۲۲۰۱ ؛ سنن ابن ماجة ۲ : ۱۴۱۳ ، ح ۴۲۲۷ .


الرواشح السماوية
192

من تلقاء الشرع ، لا إذا ما لم يكن مستحبّا شرعيّا بجهة من الجهات أصلاً .
وأيضا ، الدوران بين الحرمة أو الكراهة أو الإباحة وبين الاستحباب إنّما يتصحّح إذا كان الحديث الضعيف الناطق بالاستحباب معارَضا بحديث آخَرَ ضعيفٍ في جانب الحرمة أو الكراهة أو الإباحة ، أو بأصالة الإباحة الأصليّة وبراءة الذمّة من التكليف الاستحبابي . وبالجملة ، بدليل آخر شرعيّ يقاومه ولا يكون أقوى منه . وأمّا من دون ذلك فلايصحّ احتمال شيء من الحرمة والكراهة ؛ إذهما جميعا على خلاف الأصل .
وأيضا ، الأمن من الخطر لايتصوّر هناك عوض ؛ إذ العمل به على سبيل الاستحباب الشرعي أو الإباحة الشرعيّة لاينسلخ أبدا عن اقتران احتمال الوقوع في التشريع البدعي ، والبدعة التشريعيّة .
وأيضا ، معنى جواز العمل بالحديث الضعيف الدالّ على الاستحباب جواز الإتيان بما يفيد استحبابَه على جهة الاستحباب وقصد القربة ، لا الجواز الإباحي . وهذا لايكفي فيه مجرّد انتفاء الحرمة ، بل ذلك إنّما يفيد عدم ترتّب الإثم والعقوبة على العمل لاغير . فقوله : «إذ لو لم يوجد الحديث يجوز العمل» . باطل ، فليتبصّر .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 85237
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي