217
الرواشح السماوية

وكذلك «التَتايُع» التهافت في الشرّ والتسارع إليه ، مفاعلةً وتفاعلاً من التَيَعان ، يقال : تاع القيء يتيع تَيْعاً وتَيَعاناً : خرج . وتاع الشيء : ذاب وسال على وجه الأرض . وتاع إلى كذا يتيع : إذا ذهب إليه وأسرع . وبالجملة : بناء المفاعلة والتفاعل منه لايكون إلاّ للشرّ .
وجماهير القاصرين من أصحاب العصر يصحّفونها ويقولون : «تابعت» بالتاء المثنّاة [ من ]فوقُ والباءِ الموحّدة .
ومنها : في دعاء الزيارة الرجبيّة لمن يحضر أحد المشاهد المقدّسة : «غير مُحلَّئين عن وِردٍ في دار المُقامة» . ۱ بإهمال الحاء المفتوحة [ أ ] والساكنة ، وتشديد اللام أو تخفيفها ، ۲ وبالهمزة بعدها على صيغة المفعول من حلّأ الإبل عن الماء وأحلأتُها : إذا طردتَها عنه ومنعتَها أن تَرِده ، وكذلك غير الإبل .
ومنه في الحديث عنه صلى الله عليه و آله وسلم : «يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فَيُحَلَّؤون عن الحوض» . ۳
وقد أخرجناه في شرح التقدمة على البناء للمفعول من باب التفعيل ومن باب الإفعال ، أي يصدرون عنه ويُمْنَعون من وروده .
فبعض بني العصر صحّف تصحيفاً فضيحاً ، فقال : غير مخلّئين ـ بالخاء المعجمة مهموزاً من التخلئة ، تفعيلاً من خلا الشيء يخلو خلوّاً ، وخلوت به خلوةً وخلاءً ، وأنا منك خلاء ، أي بَراءٌ ومجانبٌ ومباعدٌ ـ ولجّ وأصرّ على تصحيح ذلك . وفساده عند من له بصيرة بالحديث وخوض في العربيّة كرَمْلٍ عالج .
وقول الأصمعي لأبي حنيفة في مثله من المحاضرات المعروفة إذ سأله : توضّأتَ ؟ قال : نعم ، توضّأتُ وصلّأتُ ، فقال له : ضيّعت الفقه ، أما كان يكفيك حتّى

1.مصباح المتهجّد : ۸۲۱ ، الرقم ۸۸۵ .

2.والمراد أنّه يجوز من الإفعال والتفعيل كليهما .

3.صحيح البخاري ۵ : ۲۴۰۷ ، ح ۶۲۱۳ ، الباب ۵۳ .


الرواشح السماوية
216

أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكبائر ، فقال :
هنّ في كتاب عليّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ سبع : الكفر باللّه ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وأكل الربا بعد البيّنة ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، والفرار من الزحف ، والتعرّب بعد الهجرة . ۱ الحديث .
قلت : هو بالعين المهملة قبل الراء المشدّدة ، معناه : العَوْد إلى البادية والإقامةُ مع الأعراب ، وأن يصير المرء أعرابيّا بعد أن كان مهاجراً ، ومن هناك ما جُعل المهاجر ضدَّ الأعرابي . والأعرابُ ساكنو البادية الذين لايقيمون في الأمصار ولايدخلونها إلاّ لحاجة . وفسّره الأصحاب بالالتحاق ببلاد الكفر والإقامة بها بعد المهاجرة عنها إلى بلاد الإسلام .
وبالجملة : هو كناية عن الزيغ عن المعرفة ، والحُيُود عن الحقّ ، والالتحاق بأهل الشقاوة والضلال من بعد الدخول في حريم سعادة الهداية .
فصحّفه بعض قليلي بضاعةِ التتبّع من المصحّفين ب «التغرّب» ـ بالغين المعجمة ـ على ظنّ الأخذ من الغربة .
ومنها : في دعاء زيارة مولانا الشهيد أبي عبد اللّه الحسين عليه السلاميوم عاشوراء : «اللهمّ العن العصابة التي جاهدت الحسين عليه السلام ، وشايعت وبايعت وتايعت على قتله» . ۲ كلتاهما بالمثنّاة من تحتُ بعد الألف ، قبلَها موحّدةٌ في الأُولى ، ومثنّاةٌ من فوقُ في الثانية ، كتخصيص بعد التعميم ؛ إذ «المبايعة» ـ بالياء الموحّدة ـ مفاعلة من البيعة بمعنى المعاقدة والمعاهدة ، سواء كانت على الخير ، أو على الشرّ ، و«المتايعة» ـ بالتاء المثنّاة من فوقُ ـ معناها المجازاة والمساعاة ، والمهافتة والمسارعة ، والمعاضدة والمسايرة على الشرّ ولاتكون في الخير . ۳

1.الكافي ۲ : ۲۷۸ ، باب الكبائر ، ح ۸ .

2.مصباح المتهجّد : ۷۷۶ ، الرقم ۸۴۸ .

3.لاحظ لسان العرب ۲ : ۷۰ ، (ت . ى . ع) .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86295
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي