223
الرواشح السماوية

وعن أبي عبيدة : «معناه أنّ هذا ممّا يُعرف به فقه الرجل» . ۱
وهي مَفْعِلة من «إنّ» التوكيديّة وحقيقتُها مكانٌ لقول القائل : إنّه عالم ، وإنّه فقيه .
ومنها : في الحديث : «أوّل جمعة جَمَّعها رسول اللّه صلى الله عليه و سلمبالمدينة» . ۲
وفي صحيحة منصور عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام : «يجمِّع القوم الجمعة إذا كانوا خمسةً فمازاد» . ۳ وفي كتب الأصحاب : ويجمّع الفقهاء في زمان الغيبة .
وبالجملة : ذلك متكرّر جدّا في الأحاديث ، وفي أقاويل الفقهاء .
و«الجمّيع» بالتشديد من التجميع وهو الإتيان بصلاة الجمعة . وعامّة أهل العصر يغلطون فيقرؤونها بالتخفيف من الجمع ، ولايفطنون لفساد ذلك مع شدّة وضوحه .
قال الجوهري في الصحاح : «وجمّع القوم تجميعا أي شهدوا بالجمعةَ وقضَوا الصلاة فيها» . ۴
وقال ابن الأثير في النهاية :
جمّعت ـ بالتشديد ـ صلّيت ، ومنه حديث معاذ : أنّه وجد أهل مكّة يجمِّعون في الحِجْر فنهاهم عن ذلك ـ أي يصلّون صلاة الجمعة في الحجر ـ ونهاهم ؛ لأنّهم كانوا يستظلّون بفيء الحجر قبل أن تزول الشمس ، فنهاهم . ۵
وفي مغرب المطرّزي : «وجمّعنا ، أي شهدنا الجُمعة ، أو الجماعة وقضينا الصلاة فيها» . ۶
ثمّ إنّ العلاّمة رحمه اللّه تعالى قال في كتاب الاعتكاف من كتابه المختلف :

1.غريب الحديث ۴ : ۶۱ ، (م . ا . ن . ه) .

2.انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ۱ : ۲۹۷ ، (ج . م . ع) . مع تفاوت .

3.تهذيب الأحكام ۳ : ۲۳۹ ، ح ۶۳۶ باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ؛ الاستبصار ۱ : ۴۱۹ ، ح ۱۶۱۰ ، الباب ۲۵۲ .

4.الصحاح ۳ : ۱۲۰۰ ، (ج . م . ع) .

5.النهاية في غريب الحديث والأثر ۱ : ۲۹۷ ، (ج . م . ع) .

6.المغرب : ۹۰ ، (ج . م . ع) .


الرواشح السماوية
222

ومنها : عنه صلى الله عليه و سلم في خطبة الجمعة : «طول صلاة الرجل وقِصَر خطبته مَئِنَّةٌ ۱ من فقهه ، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة» . ۲
وفي حديث آخَرَ : إنّ رجلاً أعرابيا أتاه صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول اللّه ! علّمني عملاً يُدخلني الجنّةَ ، فقال صلى الله عليه و آله له : «لئن أقصرتَ الخطبة لقد أطلت المسألة» . ۳ ذكرهما الأصحاب في كتبهم الفقهيّة ، كلاهما من الإقصار ـ بقطع همزة باب الإفعال ـ أي جعل الشيء قصيرا ، ضدّ الإطالة أي جعله طويلاً .
قال المطرّزي في المغرب : وأُمرنا بإقصار الخطبة ـ أي بجعلها قصيرةً ـ ومنه : «إن أقصرت الخطبة لقد أعرضتَ المسألة ـ أي جئت بهذه قصيرةً موجَزة ، وبهذه عريضة واسعة . ۴
وفي النهاية الأثيريّة : «لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة . أي جئت بالخطبة قصيرةً والمسألةِ عريضةً ، أي قلّلت الخطبة وأعظمت المسألة» . ۵
وجماهير القاصرين يقصّرون في الفحص والتفتيش فيتوهّمونهما في الحديثين من القصر ضدِّ الإتمام ، ولايعلمون أنّ القصر إنّما يصحّ فيما يكون له في نفسه ، أو من تلقاء الشرع ، حدّ محدود يقال له : التمام ، وأمدٌ مضروب يعبّر عن بلوغه بالإتمام ، فيكون مادونه القصرَ كما في الصلاة والصوم مثلاً ، ولا كذلك الخطبة .
وأمّا «مَئِنَّة» ـ بفتح الميم وكسر الهمزة وتشديد النون ـ فقد قال المطرّزي في المغرب : «أي مَخْلَقَة ومَجْدَرَة» . ۶

1.في حاشية «ب» : «أي محلّ التحقيق ومظنّة الشيء ومقامه» .

2.بحار الأنوار ۱۶ : ۱۵۶ .

3.رواه النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۷۰ ، (ق . ص . ر)

4.المغرب : ۳۸۴ ، (ق . ص . ر) .

5.النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۷۰ ، (ق . ص . ر) .

6.لم نعثر عليه في المغرب الموجود . وفي «ب» : «مُخْلقَة و مُجْدرَة» أي بصورة اسم المفعول من الإفعال .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 85257
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي