225
الرواشح السماوية

«من بيته كذا» بالموحّدة قبل المثنّاة من تحتُ قبل المثنّاة من فوقُ ، وإعجامِ «ذال» كلمة الإشارة من بعد كاف التشبيه . ثمّ لم يقنع بفضائح هذه القراءة ، بل زاد في طنبور الفضيحة نغمةً ، فقال في شرحها : إنّه صلى الله عليه و آلهكان عند دخول بيته يقدِّم رجله اليمنى ، وعند الخروج من داره رجله اليسرى .
ولقد كان بعض أصحابي في مُحتفَل الدرس ومَحفِل الاستفادة قد سار في قراءة العبارة هذا المسيرَ ، فزجرته ورفعت عليه الصوت ، وغلّظلت عليه القول ، وبيّنت الأمر وهديته السبيلَ وقلت : هي ثنيّة بالثاء المثلّثة قبل النون ، ثمّ الياءِ المشدّدة المثنّاة من تحتُ ، معناها العقبة ، ۱ سمّيت بها ؛ لأنّها تتقدّم الطريقَ وتعرض له ، أو لأنّها تَثني سالكها وتَصرفه ، ومنه قولهم : فلان طلاّع الثنايا ، إذا كان ساميا لمعالي الامور .
«وكداء» ـ بالمدّ وإهمال الدال بعد الكاف المفتوحة ـ : الثنيّة العليا بمكّة ممّا يلي المقام ، وهي المعلاّة . و«كُدا» ـ بالضمّ والقصر ـ الثنيّة السفلى ممّا يلي باب العمرة ، قاله ابن الأثير وهو الصواب .
قال : «وأمّا كُدَيٌّ ـ بالضمّ والتشديد ـ فهو موضع بأسفل مكّة» . ۲
وقال المطرّزي : «كَداء ـ بالفتح والمدّ ـ هو جبل بمكّة ، وكُدَيٌّ ـ على تصغيره ـ جبل بها آخَرُ» . ۳
وفي دروس شيخنا الشهيد في كتاب الحجّ :
ويستحبّ عندنا دخوله من ثنيّة كَداء ـ بالفتح والمدّ ـ وهي التي يُنحدر منها إلى الهُجون مقبرةِ مكّة ، ويخرج من ثنيّة كُدا ـ بالضمّ والقصر منوّنا ـ وهي بأسفل مكّة . والظاهر أنّ استحباب الدخول من الأعلى والخروج من الأسفل عامّ . وقال الفاضل :

1.في حاشية «ب» : «وقال ابن الأثير في النهاية : الثنيّة في الجبل كالعقبة فيه . وقيل : هو الطريق العالي . (منه دام ظلّه)» .

2.النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۱۵۶ ، (ك . د . ا) . وفي النهاية : «وتشديد الياء» .

3.المغرب : ۴۰۳ ، (ك . د . ا) .


الرواشح السماوية
224

مسألة : قال المفيد رحمه اللّه تعالى في كتاب الاعتكاف : المساجد التي جمّع فيها نبيّ أو وصيّ نبيّ أربعة ـ ثمّ قال ـ : والمراد بالجُمَع فيما ذكرناه هاهنا صلاةُ الجمعة بالناس جماعةً ، دون غيرها من الصلوات . ۱
فعامّة الغالطين حيث يغلطون في «جَمَّع فيها» بالغفول عن اعتبار التشديد ، يُعديهم داءُ الغلط في «والمراد بالجُمَع» أيضا ، فيفتحون الجيم ويُسكنون الميم على مصدر جَمَع يَجْمَع .
وإنّما الصحيح عند العارف بالحقّ في الأوّل تشديد «جمّع» من التجميع ، وفي الثاني ضمّ الجيم وفتح الميم على صيغة جمع الجُمعة ، أي المراد بالجمعات في هذه المساجد صلاة الجمعة بالناس فيها جماعة ، دون غيرها من الصلوات في يوم الجمعة .
ومنها : في الحديث من طرق الخاصّة والعامّة : «أنّه صلى الله عليه و سلم دخل من ثنيّة كَداء ، وخرج من ثنيّة كُدا» . ۲
وفي قواعد شيخنا المحقّق السعيد الشهيد قدّس اللّه تعالى :
لطيفة : في قاعدة أفعال النبيّ صلى الله عليه و آله وأنّه لو تردّد الفعل بين الجبلّي والشرعي فهل يحمل على الجبلّي ؛ لأصالة عدم التشريع ، أو على الشرعي ؛ لأنّه صلى الله عليه و آلهبُعث لبيان الشرعيّات؟
منها : جلسة الاستراحة وهي ثابتة من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله ، وبعضُ العامّة زعم أنّه إنّما فعلها بعد أن بدَّن وجَمَل اللحمَ ، فتُوِّهم أنّه للجبلّة .
ومنها : دخوله «من ثنيّة كَداء» وخروجه «من ثنيّة كُدا» فهل ذلك ؛ لأنّه صادف طريقَه ، أو لأنّه سنّة؟ وتظهر الفائدة في استحبابه لكلّ داخل . ۳
فمِن أمثل أصحاب التصحيف طريقةً من أبناء العصر مَن قرأ في الموضعين :

1.مختلف الشيعة ۳ : ۴۴۲ ، المسألة ۱۶۲ .

2.من طريق الخاصّة سيأتي ، ومن طريق العامّة رواه النهاية في غريب الحديث والأثر ۴ : ۱۵۶ ، (ك . د . ا) .

3.القواعد والفوائد ۱ : ۲۱۱ ، القاعدة ۶۱ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 85294
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي