235
الرواشح السماوية

ومستقرّ شوكة الإسلام وقوّته من بعد ضعفه ونَأنَأَته ۱ طَيْبةِ ۲ المباركة ، والخمس التي هي مدّة اللبث في الدوران المستأنف أخيرا هي زمان خلافة أمير المؤمنين عليه السلاموستّة أشهر من زمان أبي محمّد الحسن عليه السلام .
هذا ما استفدته من سياق الحديث وأوردته في معلّقات الصحيفة الكريمة وأفدت المتعلّمين إيّاه ملاوة ۳ من الدهر . وإنّ قاطبة أصحاب عصرنا وأبناء زمننا ـ إذ لم يكن لهم قسطٌ صالح من التحصيل ـ ضلّوا هنالك عن السبيل ، وتاهوا تيهانا بعيدا ، فصحّفوا معناه تصحيفا سحيقا ، وحرّفوا مَغزاه تحريفاً محيقا . ۴
ولْنَطْوِ الآنَ كشفَ الذكر عن هذا النمط من القول ، ولنرجع إلى حيث فارقناه ممّا نحن في سبيله .

المسلسل

هو ما تتابع ۵ فيه رجال الإسناد عند روايته على قول ، ك «سمعت فلاناً يقول : سمعت فلاناً يقول : سمعت فلاناً» إلى ساقة السند ، أو «أخبرنا فلانٌ واللّه ، قال : أخبرنا فلانٌ واللّه » إلى آخر الإسناد . ومنه «المسلسل» بقراءة سورة الصفّ .
أو على فعل ، كحديث التشبيك : يقول الصحابي : سمعت من رسول اللّه صلى الله عليه و آلهالحديث وقد شبّك أصابعه ، وكذا التابعي يقول : سمعته من الصحابي وقد شبّك

1.في حاشية «أ» و «ب» : «في حديث أبي بكر : طوبى لمن بات في النأنأة ، أي في بدء الإسلام حين كان ضعيفا ، قبل أن يكثُر أنصاره ونأنأتُ عن الأجر نأنأةً إذا ضعفتَ عنه و عجزتَ النهاية» . انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ۵ : ۳ ، (ن . أ . ن . أ) .

2.اسم مدينة رسول اللّه صلى الله عليه و سلم .

3.الملاوة ـ بتثليث الميم ـ : البرهة من الدهر .

4.في حاشية «أ» و «ب» : «إمّا على صيغة اسم المكان من حاق به الشيءُ يحيق ، أي أحاطه ونزل به ، وإمّا فعيلُ محقه يمحقه أي أبطله . (منه مدّ ظلّه العالي)» .

5.في «أ» : «يتابع» .


الرواشح السماوية
234

فأُذهبُها بالتسوّك .
والجزّ ـ بالزاي ـ مِن جَزِّ الرأس بمعنى حلْقِه وتحليقه .
فبعض القاصرين من المصحّفين صحّف الحاء المهملة بالخاء المعجمة ، والزاي بالراء . ثمّ اختلف في معنى الحديث على تصحيفه الفضيحِ ما لايستحلّ ذو بصيرةٍ مّا أن يُصغي إليه أحدٌ أبدا .
ومنها : حديث نعسة النبيّ صلى الله عليه و آله الثابتُ عند الخاصّة والعامّة من طرقٍ متشعّبة وأسانيدَ متلوّنة :
أحدها : ما في تقدمة الرواية في الصحيفة المكرّمة السجّاديّة بالإسناد عن مولانا الصادق أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الباقر عليهماالسلام ، وفيه قال :
يا جبريل أعلى عهدي يكونون وفي زمني؟ قال : لا ، ولكن تدور رحى الإسلام من مُهاجَرِك فتلبث بذلك عشرا ، ثمّّ تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا ، ثمّ لابدّ من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها . ۱
فالذي استبان لي في تفسيره ـ ولست أظنّ أنّ ذا دَرْيَةٍ مّا في أساليب الكلام وأفانين البيان يتعدّاه ـ هو أنّ ما بين انتهاء العشر ، وابتداء خمسة وثلاثين من مُهاجَره صلى الله عليه و سلملم تكن تدور رحى الإسلام دورانَها ، ولاتعمل عملَها ، بل إنّما تستأنف دورَها وتستعيد عملَها على رأس خمسة وثلاثين من هجرته المقدّسة المباركة ، وذلك ابتداء أوان انصراف الأمر إلى منصرَفه ، وإِبّانُ ۲ رِجاع الحقّ إلى أهله ، أي وقت ما تمكّن أمير المؤمنين عليه السلاممن أن يجلس مجلسه من الخلافة والإمامة ، ويتصرّف في منصبه من الوصاية والوراثة . وإنّما الوسط زمان الفترة وانقطاع الدورة ، أعني الخمسة والعشرين سنةً التي هي مدّة لصوص الخلافة ومتقمّصيها .
وأمّا العشر التي هي مدّة اللبث في الدوران أوّلاً فهي زمانه صلى الله عليه و آله في دار هجرته ،

1.الصحيفة السجّاديّة : ۲۸ ـ ۲۹ ، في المقدّمة .

2.في حاشية «أ» و «ب» : «إبّان الشيء ـ بالكسر والتشديد ـ : وقته» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 85224
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي