259
الرواشح السماوية

واحتجّ لذلك بأنّ الطائفة عملت بالمراسيل عند سلامتها عن المعارض كما عملت بالمسانيد ، فما أجاز أحدهما أجاز الآخر . ۱ انتهى كلامه .
وربما يقال ـ على ظاهر هذا التقرير ـ : يكون قول الشيخ مذهبا خامسا غيرَ راجع إلى شيء من الأربعة المنقولة . وليس كذلك ؛ فإنّه منطبق على المذهب الثاني بعينه من دون تكلّف .
ثمّ طريق معرفة الإرسال ، العلم بعدم تعاصر طرفي مَن في الإسناد ، أو عدم تلاقيهما وإن كان في عصر واحد مع عدم الاستناد إلى إجازة ولا وجادة ؛ ولذلك احتيج إلى ضبط أنساب الرواة ، وألقابهم ، وتواريخ مواليدهم ، وأعمارهم ، وأزمنة تحصيلهم ، وأمكنة وفاتهم ، وأوقات إقامتهم وارتحالهم .

تعقيب

قول الثَبَتِ الثقةِ : «عن بعض أصحابنا» أو «عن صاحب لي ثقةٍ» أو «أخبرني شيخ ثَبَت» أو «سمعت صاحبا لي وهو ثقة ثَبَت» ، أو ما يجري مجرى ذلك ، شهادة منه لامحالة لتلك الطبقة بالثقة والجلالة وصحّة الحديث . وجهالةُ الاسم والنسب هنالك ممّا لايوجب حكم الإرسال ولايثلم في صحّة الإسناد أصلاً ، والمنازع المُشاحُّ في ذلك مكابر لاجٌّ .
أليس قد صار من الاُصول الممهّدة عندهم أنّ رواية الشيخ الثقة الثبت الجليل القدر عن أحد ممّن لايُعلم حاله أمارة صحّة الحديث وآية ثقة الرجل وجلالته ؟ بل إذا ما كان في الإسناد مثلاً محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ ـ وهو ضعيف مذموم ـ تسمعهم ، يقولون : رواية ابن أبي الخطّاب عنه تَجبر الوهن وتسدّ الثُلمة .

1.معارج الأُصول : ۱۵۱ .


الرواشح السماوية
258

وتظهر الفائدة في ترجيحهما عند معارضة دليل واحد .
وفريق القول بقبول مرسل الثقة مطلقا محتَجّون بأنّ الفرع لايجوز له أن يُخبر عن المعصوم على سبيل الجزم المعتبر في حقيقة الخبر ، إلاّ ويسوغ له الإخبار عنه ، وإنّما يكون كذلك إذا كان قد اعتقد عدالة الواسطة الساقطة .
وبأنّه إنّما علّة التثبّت الفسق ، وهو منتفٍ ، فيجب القبول .
وبأنّه لو لم يقبل المرسل ، لزم أن لايقبل المسند أيضا على بعض الوجوه ؛ لاحتمال أن يكون بين طبقتين من طبقات الإسناد طبقة اُخرى لم تُذكر ، فلا يُقبل إلاّ أن يُستفصل .
ويقال عليهم : إخباره عن المعصوم محمول على أنّه سمع أنّه عليه السلام قال ، لا على أنّه يعتقد أنّه قال .
وقد دريت أنّ ذلك إنّما يتصحّح في مثل قوله : «عنه عليه السلام» لا في مثل قوله : «قال عليه السلام» .
وانتفاء علّة التثبّت موقوف على ثبوت العدالة . وفيه منع .
وقول الراوي : «عن فلان» بظاهره يقتضي الرواية عنه بغير واسطة ، وقدنُوزع ۱ في ذلك .
وليعلم أنّ الشيخ المعظّم نجم أصحابنا المحقّقين أبا القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّي ـ رضي اللّه تعالى عنه ـ قال في مختصره المعمول في علم الاُصول ، المعروفِ بين الأصحاب بنهج المعارج في الاُصول :
إذا أرسل الراوي الرواية ، قال الشيخ رحمه اللّه : إن كان ممّن عُرف أنّه لايروي إلاّ عن ثقة ، قبلت مطلقا . وإن لم يكن كذلك قُبلت بشرط أن لايكون لها معارض من المسانيد الصحيحة .

1.في «ب» : «تورّع».

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86315
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي