269
الرواشح السماوية

ومن حقّ مَن يدلِّس وشأنِه ـ حتّى يكون مدلِّسا لاكذّابا ـ أن لا يقول في ذلك : «حدّثنا» ولا «أخبرنا» وما أشبههما ، بل يقول : «عن فلان» أو «قال فلان» ، ونحو ذلك ك«حدّث» أو «أخبر فلان» من غير الإضافة إلى ضمير المتكلّم ؛ لتوهّم أنّه حدّثه أو أخبره ، والعبارة أعمُّ من ذلك ؛ لاحتمالها الواسطةَ بينهما ، فلا يصير بذلك كذّابا .
وربما لم يكن «تدليس» ۱ في صدر السند ـ وهو شيخه الذي أخبره ـ بل في الطبقة التي تلي مبدأ الإسناد ، بأن يُسقط من بعده رجلاً ضعيفا ، أو صغيرَ السنّ ليُحسِن الحديثَ بذلك .
قال الطيبي : «وكان الأعمش والثوري وغيرهما يفعلون هذا النوع» . ۲
الثاني : ما يقع في الشيوخ لافي الإسناد ، وهو أن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه ، ولكن لايحبّ أن يُعرَف فيسمّيه باسم ، أو يكنّيه بكنية وهو غير معروف بهما ، أو بنسبة إلى بلد ، أو حيّ لايُعرف انتسابه إليهما ، أو يصفه بما لايُعرف به كيلا يتعرّف .
الثالث : ما يقع في مكان الرواية مثل : «سمعت فلاناً وراءَ النهر» و«حدّثنا بما وراءَ النهر» موهِماً أنّه يريد بالنهر «جيحان» أو «جيحون» . وإنّما يريد بذلك نهرا آخَرَ.
و«جيحان» نهر بالشام و«جيحون» نهر بلخ المعروف الذي وراءه بلادُ ماوراءَ النهر المعروفةُ ، على ما قاله الجوهري . ۳
وقال ابن الأثير : «جيحان نهر بالعواصم عند أرض المصيصة وطرسوس» . ۴
والعواصم بلاد قَصبتها أنطاكيّة ، وكذلك سيحان نهر بالعواصم من أرض المصيصة وقريباً من طرسوس ، يذكر مع جيحان وسيحون نهر الترك ويذكر مع جيحون .
وقول صاحب القاموس ـ : «جيحون نهرُ خَوارَزْمَ ، وجيحان نهر بين الشام

1.في «ب» : «تدليسه» .

2.انظر الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۲ . لكن فيه حكاه عن الخطيب .

3.الصحاح ۴ : ۲۰۹۱ ، (ج . ح . ن) .

4.النهاية في غريب الحديث والأثر ۱ : ۳۲۳ ، (ج . ى . ح) .


الرواشح السماوية
268

الإسناد . والعلّة في أخبار كتابي التهذيب و الاستبصار متنا وإسنادا غير نادرة ، ولكن يجب تدقيق التأمّل ؛ لئلاّ يُغلَط فيحسب المزيد بحسب المتن مضطربا في المتن ، أو المزيد بحسب الإسناد مضطربا في الإسناد .
وقد يطلق «العلّة» على غير هذه الأقسام ، كالكذب ، والغفلة ، وسوء الضبط ، وضعف الحفظ ونحوها .
والترمذي من العامّة سمَّى النسخَ أيضا «علّةً» . ۱
وأصحابنا رضوان اللّه عليهم ليسوا يشترطون في «الصحّة» السلامةَ من العلّة ، وقد كنّا علّمناك ذلك فيما قد سلف .
«فالصحيح» عندنا ينقسم إلى : معلّل ، وسليم ، وإن كان المعلّل الصحيح قد يُردّ كما يردّ الصحيح الشاذّ . وأكثر العامّة على خلاف ذلك ، وقد وافَقَنا بعض منهم .
قال الطيبي في خلاصته :
وأطلق بعضهم اسم العلّة على مخالفة لاتقدح ، كإرسال ما وصله الثقة الضابط ، حتّى قال : من الصحيح ما هو صحيح معلّل ، كما قال آخر : من الصحيح ما هو صحيح شاذّ . ۲

المدلّس

بفتح اللام المشدّدة من «التدليس» أي إخفاء العيب وكتمانه ، وأصله من «الدَلَس» بالتحريك بمعنى الظلمة ، أو اختلاط الظلام ، سمّي به ؛ لكونه المعيبَ الذي أُخفي عيبه ، وهو على ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما يقع في نفس الإسناد ، وصورته أن يروي عمّن لقيه ، أو عاصره ما لم يسمعه منه ، موهِما أنّه سمعه منه .

1.حكاه عنه مقدّمة ابن الصلاح : ۷۳ ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۰ .

2.الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۰ ـ ۷۱ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 85225
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي