295
الرواشح السماوية

الراشحة التاسعة والثلاثون

[ في أقسام موارد حكم العقل ]

أدلّة العقل إمّا أن تكون متعلّقةً بالعقود الاعتقاديّة ، والعقائد الإيمانيّة ، أو بالأحكام الشرعيّة ، من الخطابات التكليفيّة والوضعيّة .
والأوّل يكون العقل فيه لامحالة مستبدّا بإفادة العلم ، وإيجاب الاعتقاد من دون تعلّق بسمع .
وأمّا الثاني فعلى ضريبن . أحدهما : ما ينفرد به العقل من غير توقّف على الخطاب ، وهو ما يستفاد من قضيّة العقل من الأحكام الخمسة كوجوب ردّ الوديعة ، وحرمة الظلم ،واستحباب الإحسان ، وكراهية منع اقتباس النار ، وإباحة تناول المنافع العامّة الخالية عن وجوه المضارّ . وكلٌّ من هذه قد يكون بضرورة الفطرة ، كما حُسن الصدق النافع ، وقبح الكذب الضارّ . وقد يكون باقتناص النظر ، كما قبح الصدق الضارّ ، أو حسنه ، وحسن الكذب النافع ، أو قبحه ، وكذلك حال ردّ الوديعة مع الضرر .
وورود السمع في أقسام هذا الضرب جميعا مؤكّد .
ويلتحق بهذا الباب استصحاب حال العقل ، ويعبّر عنه بأصل البراءة عند عدم دليل ، كنفي الغسلة الثالثة في الوضوء ، والضربة الزائدة في التيمّم وهو عام الورود .
وقد ورد التنبيه عليه في الحديث بقولهم عليهم السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه» . ۱ وإليه مرجع لادليل على كذا ، فينتفي . وكثيرا مّا يستعمله الأصحاب ويستتمّ عند التتبّع التامّ ، وكذا الأخذ بالأقلّ عند فقد دليل على الأكثر ، كدية الذمّي عندنا ؛ لأنّه المتيقّن فيبقى الباقي على أصل البراءة منه .

1.الكافي ۵ : ۳۱۳ ، باب النوادر ، ح ۳۹ .


الرواشح السماوية
294

الوحي؟ قال : «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشدّ عليّ فيُفصِم عنّي ، وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يمثّل إليّ المَلَكُ رجلاً فيكلّمني فأعي ما يقول» . ۱
«الصلصلة» صوت الحديد إذا حُرِّك» .
و «يفصم» على صيغة الفاعل من باب الإفعال ، أي يُقْلِع ، يقال : أفصم المطر إذا أقلع وانكشف . ۲
وقد ورد فيه أيضا أنّ جبرئيل عليه السلام أتى النبيّ صلى الله عليه و آله مرّة في صورته الخاصّة كأنّه طبّق الخافقين . ۳ معناه في صورة ذاته المجرّدة السواسِيَة النسبةِ إلى المشرق والمغرب ، والماضي والمستقبل .
وبالجملة : إلى الأحياز والأوضاع ، والأزمنة والأمكنة ، والجهات والأبعاد جميعا ؛ وإذن ليس له تخصّص لجزء من أجزاء عالم الخلق ، ولابحدّ من حدوده ، ولا هو بمنفصل الوجود عن أجزائه وحدودِه انفصالَ المباعَدة والمباينة .
فهو بالقياس إلى هذا العالم لافيه بداخل ولاعنه بخارج ، فكأنّه طبّق خافِقَيْة وإنْ لم يكن هو فيه ، بل في عالم آخَرَ مستعلٍ على عوالم التهيّؤ والكيان ، مرتفعٍ عن عالمي ۴ الزمان والمكان .
وفي المقام ضرب من المقال بَسْطَتُه على ذمّة باب القول في الوحي والإيحاءات من كتابنا التقويمات والتصحيحات في تعليم حقّ ما يتعاطاه علم الربوبيّات ، وتتميم ما يتعلّق بأبواب الإلهيّات .

1.بحار الأنوار ۵۶ : ۲۱۴ . لم نعثر عليه في غيره .

2.راجع النهاية في غريب الحديث والأثر ۳ :۴۵۲ ، (ف . ص . م) .

3.بحار الأنوار ۵۶ : ۲۱۵ .

4.في «ب» : «عوالم الزمان والمكان» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86367
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي