121
المناهج الروائية عند شريف المرتضي

الظواهر والعموم في الأخبار

أكّد الشريف المرتضى قدس سره في عدّة مواضع على أنّه لا يرجع عن ظواهر الكتاب المعلومة بما يقتضي الظن. ۱ وأنّ اللجوء إلى الخبر الواحد أو القياس ما فيهما مايوجب العلم فيترك له ظاهر القرآن. ۲
نعم ، في بعض تعابيره أنّ العمل بالكتاب أولى من العمل بالخبر، ۳ لكنّه هو الاُسلوب المتبع في الناصريات الّذي فيه شيء من الرقّة واللطافة بالنسبة إلى الجمهور ، فحينئذٍ لاتصحّ مخالفة الكتاب بالخبر الواحد . ۴
ولا يخصّ عموم الكتاب بأخبار الآحاد ولو ساغ العمل بها في الشريعة؛ ۵ لأنّها توجب الظن ولايخصّ ولا يرجع عمّا يوجب العلم من ظواهر الكتاب. ۶
وهذا الكلام من الشريف المرتضى قدس سره ما هو إلاّ تعريضاً بأخبار المخالفين ؛ لأنّهم يذهبون إلى تخصيص ظواهر القرآن الكريم بآخبار الآحاد ، أو أنّهم ينتقلون عن حكم الأصل في العقول بأخبار الآحاد ، أو أنّهم يعملون في الشريعة بأخبار الآحاد. ۷
نعم ، غير خبر الواحد من الأخبار الّتي هي معلومة فهي تخصّ الكتاب ؛ لأنّ العموم قد يختصّ بدليل ، ويترك ظاهره بما يقتضي بتركه الظاهر. ۸
يقول الشريف المرتضى قدس سره: « وليس لهم أن يقولوا : إنّنا نخصّ الآية الّتي ذكرتموها بالسنّة ؛ وذلك أنّ السنّة الّتي لا تقتضي العلم القاطع ، لا نخصّ بها القرآن كما لا ننسخه بها ، وإنّما يجوز بالسنّة أن نخصّ أو ننسخ إذا كانت تقتضي العلم اليقين . ۹
وعلى هذا الأساس إذا تعارضت الأخبار سقط الاحتجاج بها ، ورجعنا إلى ظاهر نصّ الكتاب. ۱۰
يقول الشريف المرتضى قدس سره : « أمر النبي صلى الله عليه و آله بالرجوع إلى الكتاب فيما التبس من
الأخبار وعرضها عليه». ۱۱
ويفصّل قدس سره في موضع آخر قائلاً : « إنّ الرسول أمرنا بالرجوع إلى الكتاب عند التباس الأخبار ، وقال : ستكثر عليّ الكذابة من بعدي فما ورد من خبر فاعرضوه على الكتاب . . . .
والأخذ بما يوافقه دون ما يخالفه . . . ؛ لأنّ الكتاب أصل ودليل على كلّ حال ، وحجّة في كلّ موضع ، والأخبار ليست كذلك ، فعرضنا مالم نعلم صحّته منها على الكتاب الّذي هو الدليل والحجّة على كلّ حال وفي كلّ وقت». ۱۲
ومن هذا المنظار والمنطلق ينجرّ البحث إلى نفس الخبر وحده فلايمكن تخصيص ظاهره ، بل يبقى على إطلاقه وعمومه ، يقول الشريف المرتضى قدس سره : « وليس لأحد أن يصرف ذكر النوم في الأخبار الّتي ذكرناها . . . ؛ وذلك أنّ الظاهر يقتضي عموم الكلام وتعلّقه بكلّ من يتناول الاسم ، وتعلّقه بنوم دون نوم تخصيص للعموم بلا دلالة»، ۱۳ فيقدّم من الأخبار ما هو أظهر وأقوى وأولى وأوضح طريقاً. ۱۴
وكذلك البحث في تعارض الخبرين ، كما إذا ورد خبر عام اللفظ وآخر خاص ، فيبنى العام على الخاص ؛ لكي يستعمل الخبرين ولا يطرح أحدهما. ۱۵
يقول الشريف المرتضى قدس سره: وهذه الرواية أولى من روايتهم ؛ لأنّها تثبت الإعادة وتلك تنفيها». ۱۶ فأصالة الإثبات مقدّمة على أصالة النفي.
نعم ، لم يرتض الشريف المرتضى قدس سره تقديم تأويلات بعض الأخبار على بعض ؛
لأجل أنّ هذا ترك للظاهر بعيد التأويل ؛ فإنّ الظاهر يقضي عليه. ۱۷
يقول الشريف المرتضى قدس سره : « إذا تعارضت الأخبار سقط الاحتجاج بها ورجعنا إلى ظاهر نصّ الكتاب ». ۱۸ فالظاهر عند الشريف المرتضى قدس سرهبمكان من الأهمية ، ويقول أيضا : «وهذان الوجهان فيها على كلّ حال ترك لظاهر الخبر ؛ لإدخال زيادة ليست في الظاهر والتأويل الأوّل . . . مطابق للظاهر وغير مخالف له». ۱۹
ومن هذا المساق يلحق ادعاء الحذف في الأخبار ، حيث يقول قدس سره : «الكلام على ظاهره، ولا له أن يدعي حذفا في الخبر . . . ؛ لأنّ الظاهر لا يقتضي الحرف، ونحن مع الظاهر». ۲۰
وأكّد الشريف المرتضى قدس سره على قيدين آخرين ، واعتبرهما أحد المرجّحات الدلالية في الخبر ، وهما :
1 . ما كان له مخرج في اللغة .
2 . ما كان له تأويل معقول .
يقول الشريف المرتضى قدس سره في هذا المجال : «ولا أرى لإحدى الروايتين على الاُخرى رجحانا ؛ لأنّ كلّ واحدة منهما قد أتت من جهة من يسكن إلى قوله، ولكل منهما مخرج في اللغة ، وتأويل يرجع إلى معنى واحد ». ۲۱

1.الانتصار : ص ۱۱۱، ۴۳۲، ۵۱۸، ۵۸۳، مسائل الناصريات : ص ۴۲۳.

2.الانتصار : ص ۳۹۷.

3.مسائل الناصريات : ص ۴۰۸.

4.الانتصار : ص ۵۵۲، ۵۵۷ .

5.مسائل الناصريات : ص ۲۷۶ ، ۴۲۳ ، جوابات المسائل الموصليات الثالثة : ص ۲۵۷ ، ( رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الاُولى ) .

6.الانتصار : ص ۵۸۸، ۵۰۲، ۵۱۷.

7.الانتصار : ص ۲۶۲ ـ ۲۶۳، جوابات المسائل الرازية : ص ۱۰۰ ( رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الاُولى ) .

8.جوابات المسائل الموصليات الثانية : ص ۱۹۰ ( رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الاُولى).

9.الانتصار : ص ۵۵۴.

10.المصدر السابق : ص ۹۲ .

11.المصدر السابق : ص ۵۴ .

12.رسالة في الرد على أصحاب العدد : ص ۵۶ ( رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثانية).

13.مسائل الناصريات : ص ۳۱۹ ، ۱۳۵؛ الانتصار : ص ۴۲۶.

14.الانتصار : ص ۲۱۹.

15.المصدر السابق : ص ۹۲ .

16.مسائل الناصريات : ص ۲۴۴ .

17.الانتصار : ص ۵۳۱.

18.المصدر السابق : ص ۹۲ .

19.جوابات المسائل الرازية : ص ۱۲۰ ( رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الاُولى ) .

20.مسائل الناصريات : ص ۱۹۶ ـ ۱۹۷.

21.أمالي المرتضى (غرر الفوائد ودرر القلائد ) : ج ۱ ص ۴۵۷.


المناهج الروائية عند شريف المرتضي
120
  • نام منبع :
    المناهج الروائية عند شريف المرتضي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 76345
الصفحه من 358
طباعه  ارسل الي