161
المناهج الروائية عند شريف المرتضي

المتحمل للخبر ، والمتحمل عنه ، وكيفية ألفاظ الرواية عنه

هذا البحث وإن كان يرتبط ارتباطا رئيسيا بعلم الدراية ، لكن يمكن بنحو وآخر جرّه إلى علم الحديث ، فمن هذا البحث تعرّضنا إليه بنحو الإشارة .
يتطرّق الشريف المرتضى قدس سره ـ هنا تحت هذا الفرع ـ إلى عدّة محاور لتوضيح بعض المناهج الروائية :
المحور الأوّل : المتحمل للخبر ، وهو على قسمين :
القسم الأوّل: الذاهب إلى وجوب العمل بخبر الواحد في الشريعة يراعي في العمل بالخبر صفة المخبر في عدالته وأمانته.
القسم الثاني : والّذي يذهب إلى عدم وجوب العمل بخبر الواحد في الشريعة ، يقول : إنّ العمل في مخبر الأخبار تابع للعلم بصدق الراوي، فالشرط الوحيد عنده هو كون الراوي صادقا ، ولا فرق عنده بين أن يكون الراوي مؤمنا أو كافرا أو فاسقا أو عدلاً.
واختار الشريف المرتضى قدس سره القسم الثاني طبعا. ۱
المحور الثاني: راوي الحديث ، فإنّه لا يجوز أن يروي إلاّ ما سمعه عمن حدّث عنه أو قرأه عليه فأقرّ له به .
يقول الشريف المرتضى قدس سره : « فإذا سمع الحديث من لفظه فهو غاية التحمل ». ۲
المحور الثالث: ألفاظ الرواية ، وهي على أقسام ثلاثة :
1 . المناولة 2 . المكاتبة 3 . الإجازة.
وأوضح الشريف المرتضى قدس سره المناولة: وهي أن يشافه المحدّث غيره ، ويقول له في كتاب أشار إليه: «هذا الكتاب سماعي من فلان» .
أمّا المكاتبة فهي: أن يكتب إليه وهو غائب عنه إنّ الّذي صحّ من الكتاب الفلاني هو سماعي. ۳
وعلى هذه التفرقة التعريفية تصبح المناولة أقوى من المكاتبة ، كما هو واضح.
أمّا الإجازة: فيقول الشريف المرتضى قدس سره فيها: « لا حكم لها ؛ لأنّ ما للمتحمل أن يرويه له ذلك ، أجازه له أو لم يجزه ، وما ليس له أن يرويه محرم عليه مع الإجازة وفقدها » . ۴

1.راجع : المكانة عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، القرابة القريبة .

2.الذريعة إلى اُصول الشريعة : ج ۲ ص ۵۵۵ ـ ۵۵۶.

3.المصدر السابق : ص ۵۵۶.

4.المصدر السابق : ص ۵۶۰ ـ ۵۶۱.

5.المصدر السابق : ص ۵۶۱.


المناهج الروائية عند شريف المرتضي
160

الخبر المتواتر

يعتقد الشريف المرتضى قدس سره أنّ القائلين بالتواتر على ضربين :
الضرب الأوّل: من يذهب إلى أنّ الخبر المتواتر فعل اللّه تعالى عنده للسامعين العلم الضروي بمخبره.
الضرب الثاني: من يذهب إلى أنّ العلم بمخبره مكتسب.
ويعتقد أصحاب الضرب الأوّل : أنّ وقوع العلم ضروري له ، فإذا وجد نفسه عليه علم أنّ صفة المخبرين له صفة المتواترين ، فهؤلاء عندهم أنّ حصول العلم بصفة المخبرين .
ويعتقد أصحاب الضرب الثاني : أنّ الطريق إلى العلم بصفة المخبرين هو العادة ؛ لأنّ العادة قد فرّقت بين :
أ ـ الجماعة الّتي يجوّز عليها أن يتّفق منها الكذب من غير تواطئ وما قام مقامه .
ب ـ من لا يجوّز ذلك عليه.
ج ـ من إذا وقع منه التواطئ جاز أن ينكتم.
د ـ من لا يجوّز انكتام التواطئ. ۱
يقول الشريف المرتضى قدس سره بعد كلّ ذلك: «فإذا علم أنّ وجود كون الخبر كذبا لا يصحّ على هذه الجماعات فليس بعد إرتفاع كونه كذبا إلاّ أنّه صدق وأي عجب واستبعاد ؛ لأنّ يكون أحدنا يلقى بنفسه ويسمع الخبر ممّن هو على صفة المتواترين » . ۲
ويذكر الشريف المرتضى قدس سره صفة وشرط مهم في التواتر ، وهو : إنّه ليس من شرط الخبر المتواتر أن يكون رواته متباعدي الديار ؛ لأنّ التواطئ قد يحصل بأهل بلد واحد. ۳

1.جوابات المسائل الرسية الاُولى : ص ۳۳۷ ـ ۳۳۸ ( رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الثانية ) .

2.المصدر السابق : ص ۳۳۸.

3.المصدر السابق.

  • نام منبع :
    المناهج الروائية عند شريف المرتضي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 76311
الصفحه من 358
طباعه  ارسل الي