351
المحبّة في الكتاب و السنّة

كلام في آثار محبّة اللّه

لقد أشرنا ۱ إلى أنّ محبّة اللّه سبحانه هي سرّ التوفيق في الحياة ، وهي كيمياء بناء الذات والسبيل إلى بلوغ جميع الآمال والتطلّعات ، كما ورد في ختام دعاء عرفة : «ماذا وجد من فقدك ! وما الذي فقد من وجدك ! لقد خاب من رضي دونك بدلاً» ۲ .
واستنادا إلى ما ورد في نصوص هذا الفصل وبعض الأحاديث المتعلّقة به في الفصول السابقة ، يمكن تلخيص أبرز آثار بركات محبّة اللّه وأشملها في أمرين :

أ ـ أسمى درجات التوحيد

إنّ محبّة اللّه تعالى ـ كما بينّا من قبل ـ لها جذور في المعرفة الشهوديّة ، هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى كمقدّمة لأجل الوصول إلى كمال معرفة اللّه صفاته وأسمائه . وبما أنّ كمال اللّه مطلق لا حدّ له ؛ فإنّ محبّته على الدوام بمثابة طاقة تجعل الإنسان ينالُ ببركاتها أعلى مراتب التوحيد ، وكما قال بعض أهل المعرفة : «إذا استغرقت في التوحيد تحظى في كلّ لحظة برعاية خاصّة من الباري تعالى لم تكن حظيت بها من

1.اُنظر : ص ۲۳۱ «تحقيق في مبادى ء محبّة اللّه » .

2.اُنظر : ص ۲۰۴ ح ۹۱۵ .


المحبّة في الكتاب و السنّة
350

لا طاهِرَ مِن تَدَنُّسٍ بِشَيءٍ مِنَ الأَكوانِ إلاَّ اللّهَ . ۱

۱۳۹۵.الإمام الصادق عليه السلامـ فيما نُسِبَ إلَيه في مِصباحِ الشَّريعَة ـ: نَجوَى العارِفينَ تَدورُ عَلى ثَلاثَةِ اُصولٍ : الخَوفِ ، وَالرَّجاءِ ، وَالحُبِّ. فَالخَوفُ فَرعُ العِلمِ، وَالرَّجاءُ فَرعُ اليَقينِ، وَالحُبُّ فَرعُ المَعرِفَةِ . فَدَليلُ الخَوفِ الهَرَبُ ، ودَليلُ الرَّجاءِ الطَّلَبُ ، ودَليلُ الحُبِّ إيثارُ المَحبوبِ عَلى ما سِواهُ .
فَإِذا تَحَقَّقَ العِلمُ فِي الصَّدرِ خافَ . وإذا صَحَّ الخَوفُ هَرَبَ . وإذا هَرَبَ نَجا . . . وإذا تَمَكَّنَ مِنهُ رَجا . وإذا وَجَدَ حَلاوَةَ الرَّجاءِ طَلَبَ . وإذا وُفِّقَ لِلطَّلَبِ وَجَدَ . وإذا تَجَلّى ضِياءُ المَعرِفَةِ فِي الفُؤادِ هاجَ ريحُ المَحَبَّةِ ، وإذا هاجَ ريحُ المَحَبَّةِ استَأنَسَ (في) ظِلالِ المَحبوبِ ، وآثَرَ المَحبوبَ عَلى ما سِواهُ ، وباشَرَ أوامِرَهُ، وَاجتَنَبَ نَواهِيَهُ . وإذَا استَقامَ عَلى بِساطِ الاُنسِ بِالمَحبوبِ ـ مَعَ أداءِ أوامِرِهِ وَاجتِنابِ نَواهيهِ ـ وَصَلَ إلى روحِ المُناجاةِ . ۲

۱۳۹۶.عنه عليه السلامـ أيضا ـ: حُبُّ اللّهِ إذا أضاءَ عَلى سِرِّ عَبدٍ أخلاهُ عَن كُلِّ شاغِلٍ . وكُلُّ ذِكرٍ سِوَى اللّهِ تَعالى ظُلمَةٌ . وَالمُحِبُّ أخلَصُ النّاسِ سِرّا للّهِِ تَعالى ، وأصدَقُهُم قَولاً ، وأوفاهُم عَهدا ، وأزكاهُم عَمَلاً ، وأصفاهُم ذِكرا ، وأعبَدُهُم نَفسا ، يَتَباهَى المَلائِكَةُ بِهِ عِندَ مُناجاتِهِ ، ويَفخَرُ بِرُؤيَتِهِ ، وبِهِ يَعمُرُ اللّهُ بِلادَهُ ، وبِكَرامَتِهِ يُكرِمُ عِبادَهُ ، يُعطيهِم إذا سَأَلوا بِحَقِّهِ ، ويَدفَعُ عَنهُمُ البَلايا بِرَحمَتِهِ . فَلَو عَلِمَ الخَلقُ ما مَحَلُّهُ عِندَ اللّهِ ومَنزِلَتُهُ لَدَيهِ ما تَقَرَّبوا إلَى اللّهِ تَعالى إلاّ بِتُرابِ قَدَمَيهِ . ۳

1.تفسير مجمع البيان : ۱۰ / ۶۲۳ ، بحار الأنوار : ۸ / ۱۱۳ .

2.مصباح الشريعة : ۱۲ ، بحار الأنوار : ۷۰ / ۲۲ / ۲۲ .

3.مصباح الشريعة : ۵۲۱ ، بحار الأنوار : ۷۰ / ۲۳ / ۲۳ .

  • نام منبع :
    المحبّة في الكتاب و السنّة
    المساعدون :
    التقديري، محمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424 ق / 1382 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 152899
الصفحه من 456
طباعه  ارسل الي