233
شهر الله في الكتاب و السنّة

بُشِّرتُ بِها خَرَجتُ إلَيها أسعى ، أنَا الَّذي أمهَلتَني فَمَا ارعَوَيتُ ، وسَتَرتَ عَلَيَ فَمَا استَحيَيتُ ، وعَمِلتُ بِالمَعاصي فَتَعَدَّيتُ ، وأسقَطتَني مِن عَينِكَ فَما بالَيتُ ، فَبِحِلمِكَ أمهَلتَني وبِسِترِكَ سَتَرتَني ، حَتّى كَأَنَّكَ أغفَلتَني ، ومِن عُقوباتِ المَعاصي جَنَّبتَني حَتّى كَأَنَّكَ استَحيَيتَني .
إلهي لَم أعصِكَ حينَ عَصَيتُكَ وأنَا بِرُبوبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، ولا بِأَمرِكَ مُستَخِفٌّ ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، ولا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، لكِن خَطيئَةٌ عَرَضَت وسَوَّلَت لي نَفسي وغَلَبَني هَوايَ وأعانَتني عَلَيها شِقوَتي، وغَرَّني سِترُكَ المُرخى عَلَيَ ، فَقَد عَصَيتُكَ وخالَفتُكَ بِجَهدي ، فَالآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني؟ ومِن أيدِي الخُصَماءِ غَدا مَن يُخَلِّصُني؟ وبِحَبلِ مَن أتَّصِلُ إن أنتَ قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟ فَوا سَوأَتا عَلى ما أحصى كِتابُكَ مِن عَمَلِيَ الَّذي لَولا ما أرجو مِن كَرَمِكَ وسَعَةِ رَحمَتِكَ ، ونَهيِكَ إيّايَ عَنِ القُنوطِ لَقَنَطتُ عِندَما أتَذَكَّرُها ، يا خَيرَ مَن دَعاهُ داعٍ وأفضَلَ مَن رَجاهُ راجٍ .
اللّهُمّ بِذِمَّةِ الإِسلامِ أتَوَسَّلُ إلَيكَ ، وبِحُرمَةِ القُرآنِ أعتَمِدُ عَلَيكَ ، وبِحُبِّ النَّبِيِ الاُمِّيِ القُرَشِيِ الهاشِمِيِ العَرَبِيِ التَّهامِيِ المَكِّيِ المَدَنِيِ أرجُو الزُّلفَةَ لَدَيكَ ، فَلا توحِشِ استيناسَ إيماني ، ولا تَجعَل ثَوابي ثَوابَ مَن عَبَدَ سِواكَ ، فَإِنَّ قَوما آمَنوا بِأَلسِنَتِهِم لِيَحقِنوا بِهِ دِماءَهُم فَأَدرَكوا ما أمَّلوا ، وإنّا آمَنّا بِكَ بِأَلسِنَتِنا وقُلوبِنا لِتَعفُوَ عَنّا فَأَدرِكنا ما أمَّلنا ، وثَبِّت رَجاءَكَ في صُدورِنا،ولا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إذ هَدَيتَنا وهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إنَّكَ أنتَ الوَهّابُ ، فَوَعِزَّتِكَ لَوِ انتَهَرتَني ما بَرِحتُ مِن بابِكَ ولا كَفَفتُ عَن تَمَلُّقِكَ لِما اُلهِمَ قَلبي ۱ مِنَ المَعرِفَةِ بِكَرَمِكَ وسَعَةِ رَحمَتِكَ ، إلى مَن يَذهَبُ العَبدُ إلاّ إلى مَولاهُ ، وإلى مَن يَلتَجِئُ المَخلوقُ إلاّ إلى خالِقِهِ .

1.زاد في الإقبال هنا : «يا سيّدي» .


شهر الله في الكتاب و السنّة
232

لَعَلَّكَ رَأَيتَني آلِفَ مَجالِسِ البَطّالينَ فَبَيني وبَينَهُم خَلَّيتَني ، أو لَعَلَّكَ لَم تُحِبَّ أن تَسمَعَ دُعائي فَباعَدتَني ، أو لَعَلَّكَ بِجُرمي وجَريرَتي كافَيتَني ، أو لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنكَ جازَيتَني ، فَإِن عَفَوتَ يا رَبِّ فَطالَما عَفَوتَ عَنِ المُذنِبينَ قَبلي ؛ لِأَنَّ كَرَمَكَ أي رَبِّ يَجِلُّ عَن ( مُجازاةِ المُذنِبينَ ، وحِلمَكَ يَكبُرُ عَن ) ۱ مُكافاةِ المُقَصِّرينَ ، وأنَا عائِذٌ بِفَضلِكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ ، مُنتَجِزٌ (مُتَنَجِّزٌ) ما وَعَدتَ مِنَ الصَّفحِ عَمَّن أحسَنَ بِكَ ظَنّاً .
إلهي أنتَ أوسَعُ فَضلاً وأعظَمُ حِلما مِن أن تُقايِسَني بِعَمَلي ، أو أن تَستَزِلَّني بِخَطيئَتي ، وما أنَا يا سَيِّدي وما خَطَري؟! هَبني بِفَضلِكَ سَيِّدي ، وتَصَدَّق عَلَيَ بِعَفوِكَ وجَلِّلني بِسِترِكَ ، وَاعفُ عَن تَوبيخي بِكَرَمِ وَجهِكَ .
سَيِّدي أنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيتَهُ ، وأنَا الجاهِلُ الَّذي عَلَّمتَهُ ، وأنَا الضّالُّ الَّذي هَدَيتَهُ ، و( أنَا) الوَضيعُ الَّذي رَفَعتَهُ ، وأنَا الخائِفُ الَّذي آمَنتَهُ ، وَالجائِعُ الَّذي أشبَعتَهُ ، وَالعَطشانُ الَّذي أروَيتَهُ ، وَالعارِي الَّذي كَسَوتَهُ وَالفَقيرُ الَّذي أغنَيتَهُ ، وَالضَّعيفُ الَّذي قَوَّيتَهُ ، وَالذَّليلُ الَّذي أعزَزتَهُ ، وَالسَّقيمُ الَّذي شَفَيتَهُ ، وَالسّائِلُ الَّذي أعطَيتَهُ ، وَالمُذنِبُ الَّذي سَتَرتَهُ والخاطِئُ الَّذي أقَلتَهُ ، وأنَا القَليلُ الَّذي كَثَّرتَهُ ، وَالمُستَضعَفُ الَّذي نَصَرتَهُ ، وأنَا الطَّريدُ ۲ الَّذي آوَيتَهُ ۳ .
أنَا يا رَبِّ الَّذي لَم أستَحيِكَ فِي الخَلاءِ ولَم اُراقِبكَ فِي المَلاءِ ، أنَا صاحِبُ الدَّواهِي العُظمى ، أنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجتَرى ، أنَا الَّذي عَصَيتُ جَبّارَ السَّماءِ ، أنَا الَّذي أعطَيتُ على مَعاصِي الجَليلِ الرُّشا ، أنَا الَّذي حينَ

1.ما بين القوسين أثبتناه من الإقبال .

2.في المصباح للكفعمي : «الشريد» .

3.زاد في الإقبال هنا : «فلك الحمد» .

  • نام منبع :
    شهر الله في الكتاب و السنّة
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424 ق / 1382 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 175497
الصفحه من 628
طباعه  ارسل الي