2 . خصائص ليلة القدر
أ ـ تقدير اُمور السَّنة
جاء التأكيد في عدد كبير من الروايات أنَّ أول خصائص هذه اللّيلة ، هو تقدير اُمور الناس وتدبير أحوالهم وأوضاعهم خلال السَّنة ، وهي اللّيلة الّتي ينزل فيها ما يحدث ويفرق فيها كلّ أمر إلى مثلها ، وربما لهذه الجهة بالذات نزل القرآن الكريم في هذه اللّيلة ؛ هذا الكتاب الّذي يعدّ بدوره برنامج حياة الإنسان .
انطلاقا من هذا المعنى ، بمقدور الإنسان أن يغيّر مصيره ومسار حياته في ليلة القدر عبر استثمار البرنامج الّذي رسمه له القرآن ، ويستحوذ لسنته المقبلة على أفضل المقدّرات ، ويحقّق لنفسه أغنى المكاسب وأكثرها عطاءً ونفعا ، على أنَّ هاهنا ملاحظتين حريّتين بالانتباه ، هما :
الملاحظة الاُولى : إنَّ تقدير مصير الإنسان في ليلة القدر يأتي في سياق مقدّراته في العلم الأزلي للّه سبحانه ، بعبارة أُخرى ، تفيد روايات أهل البيت عليهم السلام ، أنَّ ما هو مقدَّر للناس في علم الحق سبحانه خلال السَّنة ، يبرز بصيغة برنامج مكتوب تكتبه الملائكة ويسلّم إلى إمام العصر بواسطتهم ؛ وذلك تبعا لما يقوم به الإنسان في ليلة القدر .
الملاحظة الثانية : يفيد عدد من الروايات بأنَّ تقدير مصير الإنسان خلال ليلة القدر وتدبير ما سيكون عليه أمره خلال سنة كاملة ، لا يعني استسلامه للمصير ، بحيث لن يكون بمقدوره أن يغيّر شيئا من اُموره ومستقبله ، بل بمقدوره أن يغيّر من مقدّراته القطعيّة في ليلة القدر عبر لجوئه إلى الدعاء وتوسّله بالأعمال الصالحة ، ولذلك كلّه جاء عن الإمام الباقر عليه السلام ، قوله :
« فَما قُدِّرَ في تِلك السَّنَةِ وقُضِيَ فَهُوَ المَحتُومُ وَللّهِ عز و جل فيهِ المَشِيَّةُ »۱.
عندما نأخذ بنظر الاعتبار هذه الرواية وما يقع على شاكلتها ۲ ، ونضيف إلى