أوّلاً : إنَّ ليلة القدر ظرف لنزول القرآن ، ولابدّ أن يكون الظرف موجودا قبل المظروف .
ثانيا : استخدام الفعل المضارع « تنَزّل » في سورة القدر له دلالته على الاستمرار ، وكذلك يشير استعمال الجملة الاسمية : « سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْـلَعِ الْفَجْرِ » إلى الدوام .
ثالثا : أكّد القرآن الكريم عدّة مرّات على ثبات السنّة الإلهية في تدبير العالم ، وأنَّه لا تغيير في هذه السنّة ولا تبديل ۱ ، ومن ثَمَّ فإنّ هذه السنّة الإلهية الّتي تقضي بتدبير أُمور الإنسانية وتقدير شؤونها ، عامّة تشمل الاُمم والأقوام جميعا في الماضي والحاضر والمستقبل .
رابعا : ثَمَّ روايات مستفيضة وربما متواترة تفيد دوام ليلة القدر واستمرارها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۲ ، كما ثَمَّ عدد من الروايات يؤيّد دوام هذه اللّيلة ، وأنّها كانت منذ أول الخليقة ۳ وتستمرّ مع الإنسان حتّى نهاية العالم .
على ضوء ذلك كلّه يتّضح مصير الرواية الّتي جاءت في تفسير « الدرّ المنثور » فيما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، من قوله : « إنَّ اللّهَ وَهَبَ لاُِمَّتي لَيلَةَ القَدرِ ولَم يُعطِها مَن كانَ قَبلَهُم »۴ فعلاوة على ما فيها من ضعف السند ، فلا يمكن الركون إلى مدلولها باعتبار القرائن والأدلّة الّتي سلفت الإشارة إليها .
4 . تحديد ليلة القدر
على ضوء ما يسجّله القرآن من جهةٍ بقوله : « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ
1.«فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً » (فاطر : ۴۳ ) . وانظر : الإسراء : ۷۷ ، والأحزاب : ۳۸ و ۶۲ ، والفتح : ۲۳ .
2.انظر : ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) .
3.انظر : ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) ح ۶۵۶ .
4.الدرّ المنثور : ۸ / ۵۷۰ ، كنز العمّال : ۸ / ۵۳۶ / ۲۴۰۴۱ كلاهما نقلاً عن الديلمي في الفردوس ، الفردوس : ۱ / ۱۷۳ / ۶۴۷ عن أنس وفيهما « .. .من كان قبلكم» .