439
شهر الله في الكتاب و السنّة

الْقُرْءَانُ » 1 ، وما ينصّ عليه من جهة اُخرى بقوله : « إِنَّـآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ » 2 فإنَّ مقتضى الجمع بين الآيتين ، هو أنَّ ليلة القدر في شهر رمضان حتما ، ولكن مع ذلك هناك اختلافات فاحشة في روايات أهل السنّة لتحديد اللّيلة الّتي هي ليلة القدر من بين ليالي شهر رمضان ، على النحو الّذي لا يمكن الجمع بينها 3 أمّا ما جاء بشأن تحديدها من روايات عن طريق أهل البيت 4 ، فيكمن تقسيمه إلى خمس مجاميع ، كما جرت على ذلك منهجية الكتاب ، هي :
المجموعة الاُولى : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ ليلة القدر في العشر الأُخَر من شهر رمضان 5 .
المجموعة الثانية : الروايات الّتي تدلّ على تحرّيها في إحدى الليالي الثلاث : التاسعة عشرة ، الحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين 6 .
المجموعة الثالثة : الروايات الّتي تدلّ على أنّها في إحدى ليلتين : الليلة الحادية والعشرين ، أو الثّالثة والعشرين 7 .
المجموعة الرابعة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليلة الثالثة والعشرين ، هي ليلة القدر على التحديد 8 .
المجموعة الخامسة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليالي الثلاث : التّاسعة عشرة ، والحادية والعشرين والثّالثة والعشرين ، لكلّ واحدة منها دورها الّذي تنهض

1.البقرة : ۱۸۵ .

2.القدر : ۱ .

3.راجع : الدرّ المنثور : ۸ / ۵۷۱ ـ ۵۸۳ .

4.يلاحظ ممّا أوردناه في متن الكتاب ص ۴۱۹ ـ ۴۲۸ ، وجود التوافق بين بعض روايات أهل السنّة وروايات أهل البيت عليهم السلام .

5.انظر : ص ۴۱۹ (أيّ ليلة هي؟ / في العشر الأواخر) .

6.انظر : ص ۴۲۰ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين ، وتسع عشرة) .

7.انظر : ص ۴۲۱ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين) .

8.انظر : ص ۴۲۱ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين) .


شهر الله في الكتاب و السنّة
438

أوّلاً : إنَّ ليلة القدر ظرف لنزول القرآن ، ولابدّ أن يكون الظرف موجودا قبل المظروف .
ثانيا : استخدام الفعل المضارع « تنَزّل » في سورة القدر له دلالته على الاستمرار ، وكذلك يشير استعمال الجملة الاسمية : « سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْـلَعِ الْفَجْرِ » إلى الدوام .
ثالثا : أكّد القرآن الكريم عدّة مرّات على ثبات السنّة الإلهية في تدبير العالم ، وأنَّه لا تغيير في هذه السنّة ولا تبديل ۱ ، ومن ثَمَّ فإنّ هذه السنّة الإلهية الّتي تقضي بتدبير أُمور الإنسانية وتقدير شؤونها ، عامّة تشمل الاُمم والأقوام جميعا في الماضي والحاضر والمستقبل .
رابعا : ثَمَّ روايات مستفيضة وربما متواترة تفيد دوام ليلة القدر واستمرارها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۲ ، كما ثَمَّ عدد من الروايات يؤيّد دوام هذه اللّيلة ، وأنّها كانت منذ أول الخليقة ۳ وتستمرّ مع الإنسان حتّى نهاية العالم .
على ضوء ذلك كلّه يتّضح مصير الرواية الّتي جاءت في تفسير « الدرّ المنثور » فيما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، من قوله : « إنَّ اللّهَ وَهَبَ لاُِمَّتي لَيلَةَ القَدرِ ولَم يُعطِها مَن كانَ قَبلَهُم »۴ فعلاوة على ما فيها من ضعف السند ، فلا يمكن الركون إلى مدلولها باعتبار القرائن والأدلّة الّتي سلفت الإشارة إليها .

4 . تحديد ليلة القدر

على ضوء ما يسجّله القرآن من جهةٍ بقوله : « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ

1.«فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً » (فاطر : ۴۳ ) . وانظر : الإسراء : ۷۷ ، والأحزاب : ۳۸ و ۶۲ ، والفتح : ۲۳ .

2.انظر : ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) .

3.انظر : ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) ح ۶۵۶ .

4.الدرّ المنثور : ۸ / ۵۷۰ ، كنز العمّال : ۸ / ۵۳۶ / ۲۴۰۴۱ كلاهما نقلاً عن الديلمي في الفردوس ، الفردوس : ۱ / ۱۷۳ / ۶۴۷ عن أنس وفيهما « .. .من كان قبلكم» .

  • نام منبع :
    شهر الله في الكتاب و السنّة
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424 ق / 1382 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 174695
الصفحه من 628
طباعه  ارسل الي