51
مراقبات شهر رمضان

كَلامٌ في شَرحِ حَديثِ «الصَّومُ لي»

قال أبو حامدٍ الغزّالي في شرح الحديث : إنّما كانَ الصومُ للّهِ ومشرّفا بالنسبةِ إليهِ ـ وإن كانت العبادات كلّها له كما شرّف البيت بالنسبةِ إليهِ والأرض كلّها له ـ لمعنيين :
أحدهما : أنّ الصوم كفّ وترك ، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد ، فجميع الطاعاتِ بمشهد من الخلق ومرأى ، والصوم لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى ؛ فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد .
والثاني : أنّه قهرٌ لعدوّ اللّه ؛ فإنّ وسيلة الشيطان ـ لعنه اللّه ـ الشهوات ، وإنّما يقوى الشهوات بالأكل والشرب ؛ ولذلك قال صلى الله عليه و آله : «إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ ؛ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ» ... فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدّا لمسالكه وتضييقا لمجاريه ، استحقّ التخصيص بالنسبة إلى اللّه ؛ ففي قمع عدوّ اللّه نصرة للّه ، ونصرة اللّه للعبد موقوفة على النصرة له ؛ قال اللّه : «إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»۱ ؛ فالبداية بالجهدِ مِنَ العَبدِ ، والجزاء بالهداية مِنَ اللّهِ ؛ ولذلكَ قالَ : «وَ الَّذِينَ جَـهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»۲ ، وقالَ : «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ»۳ ؛ وإنّما التغيير بكسر الشهواتِ ، فهي مرتعُ الشياطين ومرعاهم ، فما دامت مخصبة لم ينقطع تردّدهم ، وما داموا يتردّدون فلا ينكشف

1.محمّد : ۷ .

2.العنكبوت : ۶۹ .

3.الرعد : ۱۱ .


مراقبات شهر رمضان
50

۴۱.عنه صلى الله عليه و آله :كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ ؛ الحَسَنَةُ عَشرُ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ ، قالَ اللّهُ عز و جل : «إلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي ، وأنَا أجزي بِهِ ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وطَعامَهُ مِن أجلي» . ۱

1.صحيح مسلم : ج ۲ ص ۸۰۷ ح ۱۶۴ ؛ فضائل الأشهر الثلاثة : ص ۱۴۳ ح ۱۵۶ نحوه .

  • نام منبع :
    مراقبات شهر رمضان
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111229
الصفحه من 308
طباعه  ارسل الي