وهكذا توجّهوا إلى الموضع المتّفق عليه ، وإذا بهم يرون النبيّ صلى الله عليه و آله وقد حضر مع ابنته فاطمة عليهاالسلاموصهره عليّ عليه السلام وسبطيه الصغيرين الحسن والحسين عليهماالسلام للمباهلة ، وما إن رأوا هذا المشهد الدالّ على صدقه صلى الله عليه و آله ، حتّى دبّ الذعر في قلوبهم ، فامتنعوا عن المباهلة ، ورضخوا للمصالحة ورعاية شروط الذمّة . ۱
2 . حكمة بعثة رسول اللّه صلى الله عليه و آله
تعتبر معرفة حكمة بعثة رسول اللّه صلى الله عليه و آله أهمّ موضوع يرتبط بمعرفة شخصيته صلى الله عليه و آله .
إنّ حكمة بعثة النبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله لا تختلف في الأساس عن فلسفة بعثة الأنبياء ، والاختلاف الوحيد هو أنّه أكمل رسالات سائر الأنبياء ، ولذلك فقد ختمت النبوّة به . ۲
ومع الأخذ بنظر الاعتبار هذه الملاحظة ، يمكن اختصار حكمة البعثة من منظار القرآن في عنوانين ، وهذان العنوانان اللذان يحكيان حقيقة ، هما :
2 / 1 ـ الدعوة إلى اللّه
إنّ الدعوة إلى اللّه ، هي أشمل حكمة لبعثة الأنبياء أجمع ، وهذه الدعوة هي في الحقيقة نفس دعوة سلوك طريق اللّه ، والعمل على أساس الدين الإسلامي ، أي برنامج تكامل الإنسان الّذي يضمن تأمين حياته المادّية والمعنوية . ولذلك فإنّ تعبيرات مثل : «أدعو إلى اللّه » و «ادع إلى سبيل ربّك» و «استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ...» وغيرها فيما يتعلّق بحكمة البعثة تشير إلى حقيقة واحدة من زوايا مختلفة .
وبعبارة اُخرى : فإنّ الحكمة من بعثة جميع الأنبياء والرسل ، وخاتمهم النبيّ محمّد صلى الله عليه و آله هي أن يعرّفوا الناس على سبيل بلوغ الكمال المطلق كي يصلوا إلى درجة لقاء اللّه الّذي هو المقصد النهائي لحركة الإنسان التكاملية من خلال سلوك هذا السبيل ، وذلك في نفس الوقت الّذي يؤمنون فيه حاجاتهم المادّية والمعنوية ، ولذلك فإنّ الدعوة إلى اللّه عز و جل هي أهمّ حكمة للبعثة وأشملها .