37
نبيّ الرّحمة من منظار القران و أهل البيت

أحمد ومحمّد وهذا هو أيضا معنى هذه الكلمة لا غير .
قلت : فما تقولون في دين النصرانية؟ فقال : بنيّ الروحي ، إنّ دين النصرانية منسوخ بسبب ظهور دين جديد وهو دين محمّد ، وكرّر ذلك ثلاث مرّات ، فقلت : هل طريق النجاة والصراط المستقيم المؤدّي إلى اللّه منحصر في اتّباع محمّد؟ وهل أتباعه من الناجين؟ فقال : أي واللّه ، أي واللّه .

لماذا لا تعتنق الإسلام؟

فقلت : فما الّذي يمنعك من دخول الإسلام ومتابعة سيّد الأنام في حين أنّك تعرف فضيلة الإسلام ، وتعتبر اتّباع خاتم الأنبياء طريق النجاة والصراط المستقيم المؤدّي إلى اللّه ؟!
فقال : بنيّ الروحي ، إنّي لم أحظ بمعرفة حقيقة دين الإسلام وفضيلته إلاّ بعد كبر السنّ وأواخر العمر ، وإنّي لمسلم في الباطن ، ولكنّي لا أستطيع بحسب الظاهر أن أترك هذه الرئاسة والمنزلة الرفيعة ، وأنت ترى منزلتي بين النصارى ، فإن عرفوا ميلي إلى دين الإسلام فسوف يقتلوني ، وحتّى إذا نجوت منهم هربا فإنّ سلاطين المسيحيّة سوف يطلبونني من سلاطين الإسلام ؛ باعتبار أنّ خزائن الكنيسة بيدي وإنّني ارتكبت خيانة بحقّهم ، أو أخذت منهم شيئا وأكلته ووهبته ، ولذلك أرى من الصعب أن يحافظ عليَّ سلاطين الإسلام وكباره ، وحتى إذا التجأت فرضا إلى أهل الإسلام وقلت لهم : إنّني مسلم ، فسوف يقولون : هنيئا لك لقد أنقذت نفسك من نار جهنّم فلا تمنن علينا ، لأنّك أنقذت نفسك من عذاب اللّه بالدخول في دين الحقّ ومذهب الهدى!
بنيّ الروحي ، (هنيئا لك) سوف لا يكون لي خبز ولا ماء! ولذلك سوف أعيش أنا الشيخ بين المسلمين في فقر مدقع واضطراب ومسكنة وذلّ وتنغيص، مع جهلي بلغتهم، وسوف لا يعرفون حقّي ولا يرعون حرمتي وسوف أموت من الجوع بينهم وأرحل عن هذه الدنيا بين الخرابات والأطلال! ولقد رأيت الكثير بعيني وقد دخلوا الدين الإسلامي ولم يعتن بهم أهل الإسلام فارتدوا عن الدين الإسلامي إلى دينهم مرّة اُخرى فخسروا الدنيا والآخرة! وأنا أيضا أخشى أن لا أتحمل شدائد الدنيا ومصائبها، وحينئذٍ سوف لا يكون لي نصيب لا من الدنيا ولا من الآخرة! وأنا والحمد للّه من أتباع محمّد صلى الله عليه و آله في الباطن .


نبيّ الرّحمة من منظار القران و أهل البيت
36

بمجرّد أن خرج عيسى عليه السلام من نهر الأردن بعد أن غسّل يحيى بغسل التعميد ، نزل روح القدس عليه على شكل حمامة (متّى الباب الثالث : 16) .
كما كان الروح قد نزل مع وجود عيسى نفسه على التلامذة الاثني عشر ۱ ، كما صرّح بذلك صاحب الإنجيل الأوّل في الباب العاشر من إنجيله : عندما كان عيسى يرسل التلامذة الاثني عشر إلى البلاد الاسرائيلية ، قوّاهم على إخراج الأرواح الشريرة وشفاء كلّ مرض وألم ۲ ، والمراد من هذه القوّة ، القوّة الروحية لا القوّة الجسمية ؛ لأنّ هذه الأعمال لا تصدر من القوّة الجسمية ، والقوّة الروحية هي تأييد روح القدس .
وفي الآية 20 من الباب المذكور يقول سيّدنا المسيح مخاطبا التلامذة الاثني عشر : لأنّكم لستم الناطقين ، بل إنّ روح أبيكم ناطق فيكم ، والمراد من «روح أبيكم» روح القدس ، كما يصرّح صاحب إنجيل الثالث ۳ في الباب التاسع من إنجيله : فطلب تلامذته الاثني عشر منحهم القدرة على جميع الشياطين والعفاريت ، وعلى شفاء الأمراض ، كما يقول صاحب الإنجيل الثالث في الباب العاشر : حول التلامذة السبعين الّذين أرسلهم عيسى اثنين اثنين وكانوا مؤيّدين بروح القدس ، ويقول في الآية 17 : عاد أولئك السبعون فرحين وقالوا : إلهنا ، إنّ العفاريت تطيعنا باسمك!
وعلى هذا فإنّ نزول الروح لم يكن مشروطا برحيل المسيح ، فإن كان المراد من فارقليطا روح القدس فسوف يكون هذا الكلام من المسيح خطأً وفضولاً ولغوا ، وليس من شأن الحكيم أن ينطق باللغو والفضول من الكلام ، فما بالك بنبيّ صاحب شأن ومنزلة رفيعة مثل سيّدنا عيسى ، وعلى هذا فإنّ المقصود من كلمة فارقليطا لا يمكن أن يكون سوى

1.يعتقد المسيحيون أن تلامذة عيسى عليه السلام الاثني عشرهم : ۱ . شمعون المعروف ببطرس ۲ . اندرياس شقيق شمعون ۳ . يعقوب بن زبدى ۴ . يوحنا شقيق يعقوب ۵ . فيلبس ۶ . برتولما ۷ . توما ۸ . متّى المعروف ب «جامع الخراج» ۹ . يعقوب بن حلفي ۱۰ . لبئي المعروف بتدي ۱۱ . شمعون القانوي ۱۲ . يهودا الإسخريوطي .

2.الآية الأولى ، الباب العاشر من إنجيل متى .

3.إنجيل لوقا الباب ۹ واحد .

  • نام منبع :
    نبيّ الرّحمة من منظار القران و أهل البيت
    المساعدون :
    احساني فر، محمد؛ المسجدي، حيدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 78868
الصفحه من 176
طباعه  ارسل الي