أنا جِئتُكُم بِالأمثالِ وهُوَ يَأتيكُم بِالتَّأويلِ . ۱
التّفسير :
يقول العلاّمة الطباطبائيّ قدس سره في تفسير قوله تعالى : «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ ... » : «قال الرّاغب في المفردات : الإصر : عقد الشّيء وحبسه بقهره ، يقال : أصَرته فهو مأصور ، والمأصَر والمأصِر ـ بفتح الصّادِ وكسرها ـ : محبس السّفينة ، قال اللّه تعالى : «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ»۲ أي الاُمور الّتي تثبّطهم وتقيّدهم عن الخيرات ، وعن الوصول إلى الثّواب ، وعلى ذلك : «وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا»۳ وقيل : ثِقلاً ، وتحقيقه ما ذكرت . انتهى . ۴ والأغلال جمع غلّ ، وهو مايُقيَّد به ... .
وذكره صلى الله عليه و آله بهذه الأوصاف الثّلاث : الرّسول النّبيّ الاُمّيّ ، ولم يجتمع له في موضع من كلامه تعالى إلاّ في هذه الآية والآية التّالية ، مع قوله تعالى بعده : «الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِْنجِيلِ» تدلّ على أ نّه صلى الله عليه و آله كان مذكورا فيهما معرّفا بهذه الأوصاف الثّلاث .
ولولا أنّ الغرض من توصيفه بهذه الثّلاث هو تعريفه بما كانوا يعرفونه به من النّعوت المذكورة له في كتابَيهم ، لما كانت لذكر الثّلاث ـ الرّسول ، النّبيّ ، الاُمّيّ ـ وخاصّة الصّفة الثّالثة نكتة ظاهرة .
وكذلك ظاهر الآية يدلّ أو يُشعر بأنّ قوله : «يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ» إلى آخر الاُمور الخمسة الّتي وصفه صلى الله عليه و آله بها في الآية من علائمه المذكورة