155
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث التاسع والمائة

۰.خبر خالد بن سعيد بن العاص وأبي سفيان:.
بإسناده عن ابن فضّال يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه بن حزام الأنصاريّ قال :
رأيت أبا سفيان بن حرب يهدج ۱ في مشيته يوم قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم حتّى أتى الباب والعبّاس بن عبد المطلب واقف يردّ الباب ، وعليٌّ عليه السلاميغسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وكان أبو سفيان للعبّاس صديقا ، فلمّا أتاه قال له : يا أبا الفضل ، تَزَحْزَحْ ۲ لي أدخل إلى عليٍّ فأكون أوّل من يبايعه لهذا الأمر ، فهو صاحبه واللّه لما عقد له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم .
فقال له العبّاس : إنّكَ لا تقدرُ على ذلك ، وإنّه لمشغول بغسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم .
فقال له أبو سفيان : ما كنت أظنُّكَ يا أبا الفضل تمنعني هذا وأنت صاحبي وأنا صاحبك وبيننا من الأمر ما تعلم ! أتريد أن تؤخّرني عن أمرٍ أُحبّ أن أتقدّم فيه؟! أرأيت يابن بتيلة إلاّ عدوّي منذ اليوم؟
فقال له العبّاس : ألستُ صاحبك يوم الفتح؟!
قال : أتَمُنّ عليّ بأمر لم يكن لك فيه النعمة؟! ولو كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قاتلي لما
أغنيت عنّي شيئا ، لا جرم لا أُكلّمك أبدا .
وجاء خالد بن سعيد بن العاص ، وكان له رأي في عليٍّ ، وسمع بعض كلامهما . وقال : اخفض صوتك يا أبا الفضل ، فإنّ أبا سفيان شيخ قريش . قال : إنّه كلّمني وكلّمني ، ولو أردت به سوءا فمن ذا كان يمنعه منّي !
قال خالد بن سعيد : أنا واللّه أمنعه ورَغْما ۳ وجدعا لمن أراده بسوءٍ! إنّما أراد الرجل أن يبايع عليّا .
ثمّ جلسا حتّى خرج إليهما عليٌّ عليه السلام ، فقاما واكتنفاه .
قال جابر : وكنت معهم يومئذٍ ، فقال له خالد بن سعيد : يا أبا الحسن ، أعلمت ما أحدث القوم من البيعة؟
قال : «لقد أُنبئتُ ذلك ، وأنا لفي شغل بمصابنا برسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عمّا أحدثوه» .
قال له خالد بن سعيد : قد علِمتَ انقطاعي إليك ـ دون بني أبي ـ ومحبّتي لك ، فمرني بأمرك ، فأنت واللّه أحبّ الناس إليّ .
وقال أبو سفيان بن حرب : يا عليّ ، ابسط يدك أُبايعك ۴ ، فقد علمتني في الحرب لا أأبي وأتثبّط ، فإن تُرِد قتالاً فواللّه لأملأنّها عليهم خيلاً ورجلاً .
فقال عليّ عليه السلام لخالد خيرا كثيرا ودعا له بالخير وقال : «لقد علمتك ناطقا سبّاقا إلى كلِّ خير ، انصرف ننظر في ذات بيننا ، فعندي من رسول اللّه عهد ، ولئن بايعني رجال من المسلمين لأطأنّهم بسيفي ، وقليل ما هم» .
قال أبو سفيان : اجعل ربقتها ۵ يا عليّ في عنقي .
قال عليٌّ عليه السلام : «امضِ يا أبا سفيان ، وما غناؤك والأمر لمّا يلتئم!» .
قال خالد بن سعيد: فإنّا على أثرك ونصب أمرك ؛ إن قعدت قعدنا وإن نهضت نهضنا.
فقال أبو سفيان بن حرب :
بنو هاشم لا تُطمعوا الناس فيكم ولا سيّما تيم بن مرّة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم وإليكم وليس لها إلاّ أبو حسن عليّ
أبا حسن فاشدد بها كَفَّ حازمٍ فإنّك بالأمر الذي يرتجى ملي۶
وإني امرؤ قومي قصيٌّ وراءهامنيع الحمى والناس من غالب قصي
[ و ] هذا البيت الرابع [ ليس ]من رواية الشيخ المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان .
وقال أبو سفيان أيضا في ذلك :
بني هاشم ما بال ميراث أحمد ينقّل منكم في لقيط وخامل
أعبد منافٍ كيف يرضون ما أرى وفيكم عتيق المرهفات الفواصل
فدى لكم أُمّي...........وبالنصر منّا قبل موت المحامل
متى كانت الأحباب يعدوننا بكم متى قربت تيم بكم في المحافل
يحازي بها تيم عديّا وأنتم أحقّ وأولى بالأُمور الأوايل
البيت الخامس [ ليس ]من رواية الشيخ المفيد أيضا .
قال جابر : فانصرفا وانصرفت معهما .
قال خالد بن سعيد يشكر لأبي سفيان فيما كان منه في ذلك :
صخر بن حرب حربت صالحة فأنت أهل لها ولم تزل
يا لك من كلمة نطقت بها لا يفضض اللّه فاك من رجل
ذهبتَ بالفضل من دعائك إذ تدعو إلى الأمر بالوصي عليّ
إن كنت في الدين آخرا فلقد أبصرت ما قد عمى على الأُول
وإن كفّك أعطيتَ بيعتها أبرأها ربّها من الشلل
بيعة حقّ ليست كبيعتهم تلك مضت ضلّة من الضلل

1.هَدَجَ : مشى مشية الشيخ = مشى في ارتعاش.

2.يقال : زحزحه عن مكانه فتزحزح : باعده .

3.الرغم ـ بالتثليث ـ : الكُره.

4.الكامل في التاريخ ۳ : ۲۰۹ باختصار.

5.الرَبقة والرِبقة : العروة في الحبل = يقال : «حلّ ربقته» أي فرج عنه كربته.

6.الإرشاد ۱ : ۱۹۰ ؛ والفصول المختارة : ۲۴۸.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
154
  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39144
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي