159
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الحادي عشر والمائة

۰.خبر بريدة بن الخصيب الأسلميّ رحمه الله :.
بإسناده عن ابن فضّال يرفعه إلى أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني ، أنّه لمّا بويع أبو بكر جاء بريدة الأسلمي في نفر من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقال : يا أبا بكر ، ألم يأمرك رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وأصحابك أن تسلّموا على عَلِيٍّ بإمرة المؤمنين ۱ يوم سهيل بن عمرو وأنا تاسع القوم؟ فما بالك تأمَّرْتَ على أمير المؤمنين؟!
فقال عمر بن الخطّاب : يا بريدة ، إن تريد إلاّ أن تكون جبّارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين! إذا رضي المهاجرون و الأنصار فأنت و أمثالك لهم تبع .
فقال بريدة : يابن الخطّاب ، كيف؟ وهؤلاءِ المهاجرون والأنصار يسمعون قولي ويقولون مثل مقالي!
فقام عمّار بن ياسر ، وأبو أيّوب ، وأبو ذر ، وسلمان ، وخالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد بن الأسود ، وخزيمة بن ثابت في نفرِ من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمفشهدوا بذلك .
فلمّا أبصر بهم أبو بكر قطع خطبته ، وأُقيمت الصلاة ونزل عن المنبر ، فصلّوا ثمّ كثرت الكلمة ، فنادى الأرقم بن أبي الأرقم : أيّها الناس ، اُدخلوا بيوتكم ، فإنّ هذا العبد يريد أن يفتنكم عمّا أنتم عليه! يريد بذلك عمّار بن ياسر .
فقال له عمّار : ويلك ، أَمِثْلِي يفتن الأُمّة؟! واللّه ما أنت بأقدم هجرة منّي و لا إسلاما ، ولا تقدّما في الخير ، ولا أصابك في اللّه ما أصابني من البلاء! وكشف عمّار عن ظهره آثار عذاب المشركين ، وما نالوا منه بمكّة .
فاجتمع الناس يبكون حول عمّار وقالوا للأرقم : واللّه ما أنت بخير من عمّار ،
فدع عمّارا وما كلّف .
فقال عمّار : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قبض وفي أصحابه منافقون ، لو أشاء أُخبركم لأخبرتكم ، وما هذا منهم ببعيد ـ يريد بذلك الأرقم ـ واستبّ هو وعمّار ، وخرج الناس بينهما ، فنادى عمّار : أيّها الناس ، اشهدوا أنّي مع عليٍّ ، والحقّ مع عليٍّ حيثما زال زلت معه إلى يوم القيامة ، وأنّ عليّا صاحبي بعد ابن عمّه محمّد صلى الله عليه و آله وسلم ، فليبلّغ شاهدكم غائبكم ، ومضى ۲ .
قال بريدة الأسلمي في أبي بكر وأصحابه :
ما بالُ عينك لا تنام ودمع عينكَ ساجمُ۳
يا بيعةً هدموا بها أُسّا وجُثَّ۴دعائمُ
أتكون بيعتهم هدى وتغيبُ عنها هاشمُ
ويكون رائد أهلها مولى حذيفة سالمُ
فليصبحنّ وكلّهم أَسِفٌ عليها نادم
أمر النبيّ معاشرا هم أُسوة ولهازمُ۵
إن يدخلوا ويسلّموا
تسليم من هو عالم

إنّ الوصيّ له الإمامة
بعده والقائم

والعهد لا مخلولق
منه ولا متقادم۶

1.روى الحديث عن بُريدة في المسترشد : ۵۸۵ ـ ۵۸۶/۲۵۶.

2.رواه في بحار الأنوار۳۷ : ۳۰۸/۳۹ عن بريدة بن حصين الأسلمي مع تفاوت.

3.سَجَمَ الدمع : سال قليلاً أو كثيرا وانصبّ.

4.جثّ ـ واجتث : قلعه من أصله.

5.لَهَازِم : عظم لائيّ في اللحي تحت الأذن.

6.حَكى الأشعار عن بريدة الأسلمي في الصراط المستقيم ۳ : ۱۱۰.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
158

الحديث العاشر والمائة

۰.خبر الفضل بن عباس رحمه الله :.
بإسناده عن ابن فضّال رفعه إلى سعيد بن المسيّب ، أ نّه لمّا عزم أبو بكر على حرق منزل الزهراء عليهاالسلام خرج العبّاس والفضل بن العبّاس يشتدّان ، والفضل مصلّت بالسيف ، والعبّاس يقول : يا لها من عظيمة ما أتى إلينا فلان وفلان ! ونادى الفضل بن العبّاس : يا آل عبد المطّلب! فلقيهما المقداد بن عمرو ، فقالا : ما وراءك؟ فقال : هذا فلان وفلان وفلان ـ وذكر أقواما لم يسمّهم سعيد بن المسيّب ـ يريدون أن يحرقوا على عليٍّ عليه السلام وفاطمة عليهاالسلام بيتهما ، فقال المقداد : وقد وجأني فلان في عنقي ونال منّي ، فقلت : إن تنل منّي فإنّي أهون عليكما من فاطمة وعليّ .
فقال الفضل : يا أبه ، ألا أقتله ـ يعني ذلك الرجل ـ إن رأيته؟
فقال : يا بنيّ ، لقد أراد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قتله ليلة العقبة فلم يمنعه إلاّ ما رأيت من الأمر ، فدعه يكفيه عنه بعض الناس .
فجاء العباس والفضل ومعهما عتبة بن أبي لهب وعقيل بن أبي طالب ، وقد انصرف القوم بعليّ بن أبي طالب يسوقونه إلى البيعة!
فقال الفضل في ذلك :
ما لقومي لا يسمعون ندائيأصُمّوا أم هم رهون رماس
أم هم مخلدون بالخفض والنقــض لعهدي أم من الإجلاس
أم أطاعوا الأعداء فينا فأصبحواعن مواساة حليفي شماس
هل أحبوا لنا الوصيّ عليّاأم هم للوصي غير خواس
علم اللّه أنّي أُدرك الوتروبالنفس أُسرتي قد أُواسي
غير أنّي أطعت من غير وهنواستكان مقالة العبّاس

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39191
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي