الحديث السادس عشر والمائة
۰.عن القاسم بن عوف الشيباني قال :. حدّثنا غير واحدٍ من أهل مكّة قالوا : لمّا قتل الحسين عليه السلام ، [ كانوا ] يسمعون بمستغاث في مكّة في أنصاف الليالي هاتفا لا يشبه صوته أصوات الإنس ، يقول بصوت عالي :
تصدّعت الجبال على حسين وأنتم في المجالس تضحكونا
ودانوا يتحدّثون ويسمرون بالليل فإذا أذعرهم الهاتف بصوته تفرّقوا .
قال القاسم بن عوف : فقدم عليّ بن الحسين مكّة معتمرا وأنا معه ، فسمع الهاتف ليلة يقول هذا القول ، فبكى واشتدّ بكاؤه حتّى كاد كبده أن يتصدّع ، وأُغمي عليه ، فلمّا أفاق من غشيته أسبغ وضوءا ثمّ ما زال في مسجده أو المسجد الحرام حتّى طلع الفجر ، فصلّى المكتوبة ثمّ جعل يدعو ويذكر ابن زياد في دعائه عليه ، وكنت قريبا منه فسمعته يقول :
«اللّهمَّ قد أمليت لعدوّك حتّى لقد فَتَنَتْهُ نظرتك وأبطرتْه نعمتك ، اللهمَّ فتّ عضده ، وقلِّل عدده ، وهدَّ أركانه ، واخذل أعوانه ، وزلزل قدمه ، وارعب قلبه ، وشتّت جمعه ، وأكبّه لمنخره ، وردّ كيده في نحره ، واستدرجه من حيث لا يعلم ، وأْته من حيث لا يحتسب ، وعجّل هلكته ، وغمّه بالبلاء غمّا ، وقمّه به قمّا ، وبيّته بليلة لا أُخت لها» .
قال القاسم : فلا واللّه ما كان إلاّ قدر مسافة الطريق من العراق إلى مكّة حتّى قدم عليه برأس ابن زياد ، أنفذه إليه المختار ، فذهبنا ننظر فإذا وقتُ قتل عدوّ اللّه ابن زياد لعنه اللّه .
الحديث السابع عشر والمائة
۰.خبر أُمّ حبيب بنت أبي سفيان مع أخيها معاوية لمّا عزم على قتال عليّ عليه السلام :.
روي عن أُمّ حبيب بنت أبي سفيان زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم أنّها قالت لأخيها معاوية لمّا أراد قتال عليٍّ عليه السلام : إنّ في الأحقاد خذلان البصائر ، وتورّط الشبهات إلى أن .... مراجعه وكلّ مأثر ، فلا يحلفنّ عليك شرّ عار الجوون [ كذا ] واعتذار الأمانيّ ، وتمويه المعتدين ، وآمال الطامعين بمناصبة من لو أحكمت فيه الاستبصار ما سماك بغير الاعتداء ، لأنّها ديانة لا تسترخص فيها الموبقات ، وإيمانها الأنفس في قرار اللهب يوم المعاد ، فتوقَّ جزالة الشبهات ، فإنّكَ تعرف سبق هجرته ، ومواطن نصرته ، وثواقب حَسَبه ، وتقديم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إيّاه ، وما عرفت للسابقات فضيلة إلاّ وعليٌّ أحوى بتمامها ، فتلافَ هفوات التشريد بتسليم طاعتك له ، تجد أضلاع القرابة عليك محبوّة متجافية عمّا فرّط منك بفضل حلمه وتقدّم علمه ، ولا تجعل محمّدا صلى الله عليه و آله وسلمخصمك في أمانة الدين وتشتّت المتّقين ، فإنّها شفقة الرحم ، فاقبل ذلك بسعة حلمك وإصابة رأيك تجد لوِرْدك صدَرا .
فقال : إنّها لن تكفيني آراء النساء ولا رويّة التقصير عن نصرة الدين والطلب بدم الخليفة المظلوم دون أن أقوم فيه مقاما لا يرم فيه الجدّة ، ولو كان من ذكرت محجونا عن التهم بصدق النّية ، ما تأخّر عن إمامة وابتلاه ...... النفاق ، وله تقدّم الهجرة وسبق القرابة ، لكن أظهر حقدا فاسدا من كتب ، وقد كان أمنع جارا لو مدّ يداً وبسط لسانا ، ولكنّه انتهز ما كان يرصده .
فقالت له : إنّ اللّه تعالى حجب عنك السرائر ، وحكم عليك في عليّ أ نّه البرّ الوصي الوفيّ التقيّ النقيّ ، لا ينكر ذلك إلاّ جاحد أوكافر . فهجرها معاوية ، فقالت :
إن كان غيّك في علي مانعي منك المبرّة فاجتهد بسلام
لي في الوصيّ وفي الحسين بعده والمرتضى حسن بني الإسلام
عند الرسول بهم هنالك حظوة فاقصر عن اللغو في الأقتام