173
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث السادس عشر والمائة

۰.عن القاسم بن عوف الشيباني قال :. حدّثنا غير واحدٍ من أهل مكّة قالوا : لمّا قتل الحسين عليه السلام ، [ كانوا ] يسمعون بمستغاث في مكّة في أنصاف الليالي هاتفا لا يشبه صوته أصوات الإنس ، يقول بصوت عالي :
تصدّعت الجبال على حسين وأنتم في المجالس تضحكونا
ودانوا يتحدّثون ويسمرون بالليل فإذا أذعرهم الهاتف بصوته تفرّقوا .
قال القاسم بن عوف : فقدم عليّ بن الحسين مكّة معتمرا وأنا معه ، فسمع الهاتف ليلة يقول هذا القول ، فبكى واشتدّ بكاؤه حتّى كاد كبده أن يتصدّع ، وأُغمي عليه ، فلمّا أفاق من غشيته أسبغ وضوءا ثمّ ما زال في مسجده أو المسجد الحرام حتّى طلع الفجر ، فصلّى المكتوبة ثمّ جعل يدعو ويذكر ابن زياد في دعائه عليه ، وكنت قريبا منه فسمعته يقول :
«اللّهمَّ قد أمليت لعدوّك حتّى لقد فَتَنَتْهُ نظرتك وأبطرتْه نعمتك ، اللهمَّ فتّ عضده ، وقلِّل عدده ، وهدَّ أركانه ، واخذل أعوانه ، وزلزل قدمه ، وارعب قلبه ، وشتّت جمعه ، وأكبّه لمنخره ، وردّ كيده في نحره ، واستدرجه من حيث لا يعلم ، وأْته من حيث لا يحتسب ، وعجّل هلكته ، وغمّه بالبلاء غمّا ، وقمّه به قمّا ، وبيّته بليلة لا أُخت لها» .
قال القاسم : فلا واللّه ما كان إلاّ قدر مسافة الطريق من العراق إلى مكّة حتّى قدم عليه برأس ابن زياد ، أنفذه إليه المختار ، فذهبنا ننظر فإذا وقتُ قتل عدوّ اللّه ابن زياد لعنه اللّه .

الحديث السابع عشر والمائة

۰.خبر أُمّ حبيب بنت أبي سفيان مع أخيها معاوية لمّا عزم على قتال عليّ عليه السلام :.
روي عن أُمّ حبيب بنت أبي سفيان زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم أنّها قالت لأخيها معاوية لمّا أراد قتال عليٍّ عليه السلام : إنّ في الأحقاد خذلان البصائر ، وتورّط الشبهات إلى أن .... مراجعه وكلّ مأثر ، فلا يحلفنّ عليك شرّ عار الجوون [ كذا ] واعتذار الأمانيّ ، وتمويه المعتدين ، وآمال الطامعين بمناصبة من لو أحكمت فيه الاستبصار ما سماك بغير الاعتداء ، لأنّها ديانة لا تسترخص فيها الموبقات ، وإيمانها الأنفس في قرار اللهب يوم المعاد ، فتوقَّ جزالة الشبهات ، فإنّكَ تعرف سبق هجرته ، ومواطن نصرته ، وثواقب حَسَبه ، وتقديم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إيّاه ، وما عرفت للسابقات فضيلة إلاّ وعليٌّ أحوى بتمامها ، فتلافَ هفوات التشريد بتسليم طاعتك له ، تجد أضلاع القرابة عليك محبوّة متجافية عمّا فرّط منك بفضل حلمه وتقدّم علمه ، ولا تجعل محمّدا صلى الله عليه و آله وسلمخصمك في أمانة الدين وتشتّت المتّقين ، فإنّها شفقة الرحم ، فاقبل ذلك بسعة حلمك وإصابة رأيك تجد لوِرْدك صدَرا .
فقال : إنّها لن تكفيني آراء النساء ولا رويّة التقصير عن نصرة الدين والطلب بدم الخليفة المظلوم دون أن أقوم فيه مقاما لا يرم فيه الجدّة ، ولو كان من ذكرت محجونا عن التهم بصدق النّية ، ما تأخّر عن إمامة وابتلاه ...... النفاق ، وله تقدّم الهجرة وسبق القرابة ، لكن أظهر حقدا فاسدا من كتب ، وقد كان أمنع جارا لو مدّ يداً وبسط لسانا ، ولكنّه انتهز ما كان يرصده .
فقالت له : إنّ اللّه تعالى حجب عنك السرائر ، وحكم عليك في عليّ أ نّه البرّ الوصي الوفيّ التقيّ النقيّ ، لا ينكر ذلك إلاّ جاحد أوكافر . فهجرها معاوية ، فقالت :
إن كان غيّك في علي مانعي منك المبرّة فاجتهد بسلام
لي في الوصيّ وفي الحسين بعده والمرتضى حسن بني الإسلام
عند الرسول بهم هنالك حظوة فاقصر عن اللغو في الأقتام


العقد النّضيد و الدّر الفريد
172
  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39140
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي