175
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الثامن عشر والمائة

۰.خبر رجل من ولد محمّد بن الحنفيّة مع المتوكّل :.
روي عن البختريّ أ نّه قال : كنت بمَنْبِج بحضرة المتوكّل ، وقد دخل عليه رجل من أولادِ محمّد بن الحنفيّة قد قُرِف عنده بشيءٍ ، فوقف بين يديه والمتوكّل مقبل على الفتح بن خاقان يُحدِّثه .
فلمّا طال وقوف [ الفتى ]قال : يا أمير المؤمنين ، إن كنتَ أحضرتني لتأديبي فلقد أسأتَ الأدب ، وإن كنتَ أحضرتني لتعرِّف مَن بحضرتك من أوباش الناس استهانتَك بأهل هذا البيت ، فقد عرفوا !! وجلس .
فقال المتوكّل : واللّه يا حنفيّ ، لولا ما يثنيني عليك من تواصل الرحم ويعطفني [ عليك ]من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي ، ولفرّقت بين رأسكَ وجسدك ، ولو كان بمكانك محمّد أبوك !
ثمّ أقبل على الفتح بن خاقان [ وقال : ] أما ترى ما نلقاه من آل أبي طالب؟! إمّا حَسنيٌّ يجذب إلى نفسه تاج عزّ نقله اللّه إلينا ، أو حُسينيٌّ يسعى [ في نقض ما أنزل ] اللّه إلينا قبله ، أو حنفيٌّ يدلّ بجهله علينا ، فيحملنا على سفك دمه !
فقام الحنفيّ وقال : وأيّ حلم؟ تركت لك الخمور وإدمانها؟ أم العيدان وفتيانها؟ ومتى أعطفتك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فاقتطعتها أبا حرملة النبّاد ؟! وأمّا انتزاعك لساني ، فواللّه ما هو أوّل دم سفكته ، ولا حرمة انتهكته أنت وسلفك ، يقول اللّه عز و جل : «قُل لاَّ أَسْـ?لُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»۱ ، ولئن فعلت ليكونَنَّ كما قال تعالى : «ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاَءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَـرِهِمْ تَظَـهَرُونَ عَلَيْهِم بِالاْءِثْمِ وَ الْعُدْوَ نِ»۲ ، وأمّا ذكركَ
محمّدا [ أبي ] فقد طفقت تضع من عزٍّ رفعه اللّه ورسوله ، وتطاول شرفا [ تقصر ]عنه ولا تطوله !! وأنت كما قال الشاعر :
فغضّ الطرف إنّكَ من نميرفلا كعبا بلغت ولا كلابا
ثمّ ها أنت تشكو إلى علجك هذا ما تلقاه من الحسنيِّ والحسينيّ والحنفيِّ ، فلبئس المولى ولبئس العشير !
ثمّ مَدَّ رجليه [ ثمّ قال : ] هاتان قدماي لقيدك ، وهذه عنقي لسيفك ، إنّي أُريد أن تبوءَ بإثمي وإثمك وتحمل وزري ، فواللّه ما أحسب الشيء دعوته لقد عطلت بالمودّة على غير قرابته ، فعلى رسلك و[ . . . ] راحلة سفرك نعما قلبك ، سترد عليك [ . . . ] أبي ، وتحمى عن أسفائكَ جدّي ، ويذكّرك ما خلفته في أهل بيته من تقطيع أرحامهم وتسفيه أخلاقهم وتشريدهم من بلادهم وديارهم ، قال اللّه تعالى : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَـلـءِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمَى أَبْصَـرَهُمْ »۳ .
قال : فبكى المتوكّل ، ثمّ نهض إلى بعض حجر جواريه ، فلمّا كانَ مِنَ الغد خلع عليه وأجازه .
فهذه إحدى أُعجوبات المتوكّل ۴
.

1.الشورى (۴۲) : ۲۳.

2.البقرة (۲) : ۸۵.

3.محمّد (۴۷) : ۲۲ و ۲۳.

4.أخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار ۵۰ : ۲۱۳/۲۵. عن كتاب الاستدراك ، عن ابن قولويه بتفاوت يسير.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
174
  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39107
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي