19
العقد النّضيد و الدّر الفريد

العقد النّضيد و الدّر الفريد
18

الحديث الرابع

۰.عن أبي هريرة قال :مرّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام بنفر من قريش في المسجد فتغامزوا عليه ، فدخل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وشكاهم [ إليه ] ، فخرج النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمغضبان ، فقال [ لهم ] :
«يا أيّها الناس ، ما لكم إذا ذكر إبراهيم [ وآل إبراهيم ] أشرقت وجوهكم وطابت نفوسكم ، وإذا ذكر محمّد وآل محمّد قست قلوبكم وعبست وجوهكم؟! والذي نفسي بيده، لو عمل أحدكم عمل سبعين نبيّا ما دخل الجنّة حتّى يحبّ هذا وولده» وأشار إلى عليّ بن أبي طالب ، ثمّ قال : «إنّ للّه حقّا لا يعلمه إلاّ أنا وهو، وإنّ لي حقّا لا يعلمه إلاّ اللّه وهو، وإنّ لعليّ حقّا لا يعلمه إلاّ اللّه وأنا» ۱ .

الحديث الخامس

۰.عن الفضيل بن يسار ، عن الباقر ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين عليهم السلام أ نّه قال :«لمّا رجع عليّ عليه السلام من قتال أهل النَهروان أخذ على النهروانات وأعمال العراق ، ولم يكن يومئذٍ بُنِيَت بغداد ۲ ، فلمّا وافى ناحية «براثا» ۳ صلّى بالناس الظهر فرحلوا ودخلوا إلى أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر ، فصاح المسلمون : يا أمير المؤمنين ، هذا وقت العصر قد دخل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هذه أرض مخسوف بها قد خسف اللّه بها ثلاثا ويخشى عليها تمام الرابعة ، ولا يحلّ لنبيّ أو لوصيّ أن يصلّي فيها ، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلِّ . فقال المنافقون :
هو لا يصلّي فنحن لا نصلّي ۴ .
قال جويرية بن مِسهر العبدي ۵ : فتبعته في مائة فارس وقلت : واللّه لا أُصلّي أو يصلّي هو، ولأُقلّدنّه صلاتي اليوم ، قال : فسارع أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن أقطع [ أرض ] بابل وقد تدلّت الشمس للغروب ، ثمّ غابت واحمرَّ الأُفق ، قال : فالتَفَتَ إليّ وقال : يا جويرية ، هاتِ الماء. قال : فقدّمت إليه الإداوة ۶ فتوضّأَ، ثمّ قال لي : أذِّن يا جويرية، فقلت : يا أمير المؤمنين، ما وجب العشاء بعد! قال عليه السلام : أذِّن للعصر، [ فقلت في نفسي : كيف يقول أذِّن للعصر ] وقد غربت الشمس! ولكن عليَ الطاعة ، فأذَّنتُ ، فقال لي : أَقم ، ففعلت ، وإذا أَنا في الإقامة إذ تحرّكت شفتاه بكلام كأنّه منطق الخطاطيف لا يُفهم ، فرجعت الشمس بصرير عظيم ، ووقفت في مركزها من العصر ، فقام عليه السلام وكبّر [ وصلّى ] وصلّينا وراءه ، فلمّا فرغ من صلاته وقعت[ الشمس ] كأنّها سِراج في طست، وغابت واشتبكت النجوم [ وأزهرت ] ، فالتَفَتَ إليّ وقال : أَذِّنِ الآن للعشاءِ يا ضعيف اليقين!» ۷ .
وفي رواية أُخرى : «أنّها انقضّت كما ينقضّ الكوكب» .
وروي : أنّ الشمس ردّت له في حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بمكة ، وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قد غشيه الوحي، فوضع رأسه في حجر عليّ بن أبي طالب وحضر
وقت العصر ، فلم يبرح من مكانه ومنزله حتّى [ غربت الشمس]، فاستيقظ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلموقال: «اللّهمّ، إنّ عليّا كان في طاعتك، فردّ عليه الشمس ليصلّي العصر»، فردّها اللّه تعالى عليه بيضاء نقيّة حتّى صلّى، ثمّ غربت ۸ .
وذكر هذا الخبر الإمام المطّلبي محمّد بن إدريس الشافعي ۹ في كتابه المعروف بـ «التبيان في الإيمان» قال : أخبرنا أبو بكر بن يحيى الأزدي ، قال : حدّثنا العلكي، عن الحرمازي ، عن شيخ من بني تميم ـ وكان الشيخ صدوقا ـ إ نّه لمّا رجع أمير المؤمنين عليه السلام من قتال أهل النهروان . . .

1.المسترشد لابن جرير : ۶۱۶ ؛ بشارة المصطفى : ۸۱ ؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس ، الحديث السابع عشر ؛ وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار ۲۷ : ۱۹۶/۵۶ عن الفضائل والروضة.

2.في الفضائل «بني بيت ببغداد».

3.في مراصد الاطلاع : براثا ـ بالمثلّثة والقصر ـ : محلّة كانت في طرف بغداد في قبلي الكرخ ، وبني بها جامع كانت تجتمع فيه الشيعة ويسبّون الصحابة فيه ، فأخذ الراضي من وجد فيه وهدمه ، ثمّ أعاده بحلم وسعة...

4.في الفضائل : «فقال المنافقون منهم : نعم هو لا يصلّي ويقتل من يصلّي ! يعنون بذلك أهل النهروان».

5.جويرية بن مسهر العبديّ الكوفي ، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان الإمام يحبّه حبّا شديدا ، قال له يوما : « يا جويريّة ليقتلنّك العُتلّ الزنيم ، وليقطعنّ يدك ورجلك، ثمّ إنّه ليصلبنّك»، ثمّ مضى دهر حتّى ولي زياد بن أبيه في أيّام معاوية ، فقطع يده ورجله ثمّ صلبه. [ تنقيح المقال ۱ : ۲۳۸ ، رجال الطوسي : ۳۷ ، رجال ابن داود : ۶۷ ، أعيان الشيعة ۱۷ : ۱۹۵. ]

6.في الفضائل «الإناء».

7.روى نحوه شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ۶۸ ، وما بين المعقوفين منه .

8.الفضائل لشاذان بن جبرئيل : ۶۹ ، أربعون حديثا لابن أبي الفوارس ، الحديث الثامن عشر ؛ ورواه الشريف الرضي في خصائص الأئمّة : ۵۶ ؛ المناقب للخوارزمي : ۳۰۶ و۳۰۷ ، ح ۳۰۱ و۳۰۲. مناقب الإمام أمير المؤمنين لمحمّد بن سليمان ۲ : ۵۱۶ ، باب ذكر ردّ الشمس . وفي النسخة : «...فردّ علينا الشمس حتى أُصلّي أنا وعليّ العصر، فردّها اللّه عليهما...حتّى صلّيا...» وصحّحناه كما في المصادر ، وقد ورد الحديث بطرق كثيرة فراجع تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام علي عليه السلام) ج ۲ ، ص ۲۸۱ ـ ۳۰۶ مع التعليقات ؛ وبحار الأنوار ۴۱ : ۱۶۶ ، باب ردّ الشمس له.

9.هو الإمام محمّد بن إدريس بن العباس أبو عبد اللّه الشافعي (۱۵۰ ـ ۲۰۴ ق) ولم نعثر على كتابه .

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39220
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي