الحديث الرابع والثلاثون
۰.حدّث أبو محمّد قيس بن أحمد بن إدريس البغداديّ قال :حدّثني الحسن بن ذكردان الفارسي الكندي صاحب أمير المؤمنين عليه السلامفي سلخ سنة ثلاث عشرة وستّمائة ۱ بقرية «أبرهيم» من سواد الجامدة والبطيحة ، وهو مصعد إلى حضرة المقتدر ۲ ببغداد .
وابن ذكردان هذا قد ولد بعد مبعث النبيّ بسنة واحدة ، ونشأ على دين المجوسيّة، وما أدرك النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، ثمّ لحقته السعادة فهاجر إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأسلم على يديه ، وسمّاه باسم ولده الحسن ، وأقام بعد عليّ في العين، وكان يُحدِّث عنه ، وكان سنّ الشيخ ثلاثمائة وخمسا وعشرين سنة إلى أن أنهى إلى المقتدر بخبره ،
فبعث أمير عمان باستحضاره إلى اليمن من طريق البصرة .
فحدّث هذا الشيخ قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة وقد شكا الناس إليه أمر الفرات وأ نّه قد أتى بما لا يحتمله ، وقالوا : نخافُ يا أمير المؤمنين أن تهلك ضياعنا ومزارعنا ، فقال : «ما تحبّون؟» قالوا : تسأل اللّه تعالى أن ينقصه عنّا، فقال : «حبّا وكرامة» .
ثمّ وثب أمير المؤمنين قائما ودخل حجرته والناس بعضهم جلوس وبعضهم وقوف ينتظرونه ، فلم يلبث إذ خرج وعليه جبّةُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وعمامتُه ورداؤه وإزارُه ونعلُه وخاتمُه، وبيده قضيبه ، وهو أشبه الناس برسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فدعا بفرس وركبه وسار وأولاده معه وجميع الناس عن يمينه ويساره حتّى وردوا إلى الفرات ، فنزل وأتى على ركعتين خفيفتين ، فقام وأخذ القضيب ومشى على الجسر والناس ينظرون إليه ، وليس معه على الجسر غير الحسن والحسين وأنا ، فقال : «هكذا» وأهوى إلى الماء بالقضيب ، فنقص الفرات ذراعا والناس ينظرون ، فقال : «معاشر الناس ، أنجزتكم؟» فقالوا : زيادة يا أمير المؤمنين. فقام قائما ثمّ جلس وأهوى بالقضيب إلى الماء ، فنقص الفرات ذراعا آخر ، فقال : «أنجزتكم؟» قالوا : حسبك يا أمير المؤمنين ؛ فإنّه إن نقص أكثر من هذا أضرّ بنا .
فقام وركب فرسه وأقبل على الناس وقال : «والذي نفس محمّدٍ بيده ، لو سألتموني أن أنقص الفراتَ لنقصته حتّى أُريكم حيتانه وما في قعره!» .
فقال قوم : صدقت يا أمير المؤمنين ، وقال آخرون : أسِحْر هذا أم كهانة؟ فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام ، فلمّا كان يوم الجمعة ، خطب الخطبة وذكر فيها : «إنّ أُناسا قالوا: أسِحرٌ ما أتيته؟! كذبوا وايم اللّه ! إنّا أُناس اختصّنا اللّه لنفسه وأوجب حقوقنا على خلقه ، ما سألناه قطّ حاجة إلاّ قضاها ، ولا دعوناه على عدوّ إلاّ كفانا» ۳ .
1.كذا في النسخة ، ولعلّ الصحيح : «ثلاثمائة» بقرينة وقوعه في زمن خلافة المقتدر باللّه وفي نسب الراوي اختلاف بين المصادر ، ففي بعضها ـ كما في المتن وبحار الأنوار ـ الحسن بن ذكردان، وفي بعضها : الحسن بن ذكوان الفارسي. راجع أعيان الشيعة ۵ : ۶۴».
2.هو المقتدر باللّه من خلفاء بني العباس. كانت خلافته من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين إلى شهر شوال سنة عشرين وثلاثمائة. انظر مروج الذهب ۴ : ۳۱۰.
3.لم نعثر على نصّه في المصادر المتوفرة لدينا ، ولكن روى نحوه ابن طاووس في كتاب اليقين : ۴۱۶ ، الباب ۱۵۵ عن أبي بصير ، ورواه أيضا في كشف الغمّة ۱ : ۲۷۵ ؛ والفضائل ۱ : ۱۱۹ ؛ وأخرجه في بحار الأنوار ۴۱ : ۲۳۶ ، باب ۱۱۱ ، ح ۸ ، عن اليقين ؛ وص ۲۶۹ ذيل الحديث ۲۴ عن ابن ذكردان الفارسيّ الكنديّ.