49
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الخامس والثلاثون

۰.عن عمّار بن ياسر رضى الله عنه أ نّه قال :كان مولاي أمير المؤمنين عليه السلام جالسا في دكّة القضاء، فنهض إليه رجل يقال له صفوان بن الأكحل ، وقال : يا أمير المؤمنين ، أنا رجل من شيعتك ، وعليَّ ذنبٌ عظيم ، فأُريد أن تطهّرني منها في الدنيا لأَصِلَ إلى الآخرة وما عليَّ ذنبٌ!
فقال عليه السلام : «قل لي أعظم ذنوبك ما هي؟».
فقال : كنتُ ألوطُ بالصبيان!!
فبكى أمير المؤمنين عليه السلام ونظر مليّا ثمّ قال : «أيّما أحبّ إليك : ضربة بذي الفقار ، أو أقلب عليك جدارا ، أو أضرم إليك نارا؟ فإنّ ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبتَه؟».
قال : يا أمير المؤمنين، فأيّ هذه الثلاثة أشدّ في العقوبة؟ قال : «الإحراق بالنار» .
قال : يا مولاي، احرقني بالنار [ لأنجو من نار الآخرة ] .
فقال عليه السلام : «يا عمّار ، اِجمع له ألف حرْزَة ۱ قصب ، فأنا أضرمه غدا بالنار» . فقال للرجل : «امضِ» فمضى وأوصى بما لَه وعليه ۲ ، وقسّم ماله بين أولاده ، وأعطى كلَّ ذي حقٍّ حقّه ، ثمّ جاء وبات على باب حجرة أمير المؤمنين عليه السلام[ في ] بيت نوح شرقيّ جامع الكوفة ، فلمّا صلّى أمير المؤمنين عليه السلاموصلّى الرجل خلفه قال : «يا عمّار ، نادِ بالكوفة أن اخرجوا وانظروا كيف يحرق عليٌّ رجلاً من شيعته بالنار!» .
فقال جماعة من المنافقين : أليس قالوا : إنّ شيعة عليّ ومحبّيه لا تأكلهم النار ، و هذا رجلٌ من شيعته يحرقه بالنار ؟! بطلت إمامته! فسمع ذلك أمير المؤمنين عليه السلام .
فقال عمّار : فأخرج الإمام الرجل وبنى عليه ألف حَرْزَة قصب ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ، أنظرني أن أُصلّي ركعتين.
قال : فلمّا صلّى وفرغ من صلاته رفع يديه إلى السماء وقال : يا ربّ، إنّي أتيت فاحشة ممّا نهيت عنها، وجئت إلى وليّك وخليفة رسولك فأخبرتُه بذلك وسألته أن يطهّرني منها ، فقال : «اِختر إحدى الثلاثة : إمّا ضربة بالسيف ، أو هدم حائطٍ ، وإمّا الإحراق بالنار» فسألته: أيّ شيءٍ أشدّ في العقوبة لأَتخلّص من نار القيامة ؟ قال : «الإحراق بالنار» فاخترته .
ثمّ أعطاه أمير المؤمنين مقدحة وكبريتا وقال : «اِقدح واحرق نفسك ، فإن كنت من شيعة عليٍّ وعارِفيهِ ما تَمَسُّك النار ، وإن كنت من المنافقين المكذّبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك» .
قال : فقدح النار على نفسه واحترق القصب ، وعلى الرجل ثياب كتان بيض ، فلم تعلقها النار ولم يقربها الدخان!
فقال له أمير المؤمنين : «اِذهب فقد غفر اللّه لك» ثمّ قال عليه السلام : «كذب المنافقون وضلّوا ضلالاً بعيدا وخسروا خسرانا مبينا ، أنا قسيم الجنّة والنار ، شهد لي بذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم [ في مواطن كثيرة ]» وخلّ الرجل سبيله . وهذا من غرائب الأخبار ۳ .

1.في الفضائل : «حزمة».

2.في الفضائل : «انهض وأوصِ لما لَك وبما عليك».

3.روى مثله شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ۷۵ ؛ عنه بحار الأنوار ۴۲ : ۴۳/۱۶ ، بتفاوت يسير.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
48
  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39230
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي