51
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث السابع والثلاثون

۰.عن مالك بن دينار قال :سمعت أبا وائل ۱ يقول :
بينما أنا أمشي مع عمر بن الخطّاب إذ حانت منه التفاتة فجعل يشتدّ في مشيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين، أراك تشتدّ في مشيك؟ فقال لي : ويلك! ما تنظر إلى ذلك الهزبر المقتّل ، الضرّاب الأَيْهَم ، الشديد على من طغى وظلم ، ذي السيفين والراية ؟! فالتفتُّ فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
ثمّ قال : أما أُحدِّثك عنه ما يعجز الخلق؟ فقلت: بلى .
قال : إنّا بايعنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يوم أُحد على أن لا نفِرَّ ومن فَرَّ منّا كان ضالاًّ ، ومن قتل منّا كان شهيدا والنبيّ زعيمه ، إذ حمل علينا مائة صنديد ، تحت كلّ رجل جماعة كثيفة ، فأزعجونا عن طاحونتنا ، ففررنا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ولم يبقَ معه غير عليّ
ورجال من الأنصار ، فرأيت عليّا كاللّيث يتّقي الزرق ۲ ، فأخذ كفّا من حصى الأرض فرمى في أقفيتنا ، ثمّ قال : «إلى أين تفرّون، إلى أين تفرّون؟! إلى النار ، إلى النار؟!» ثمّ أخذ كفّا آخر فرمى به في وجوهنا ثمّ قال : «بايعتم ونكثتم وفررتم ، شاهت الوجوه!» ثمّ مضى مصلتا سيفه على المشركين فأزلّهم ، ثمّ كرّ نحونا ثانية وفي كفّه صفيحة يقطر منها دماء الموت ، وعيناه كالقدحين المملوءين دما يتوقّدان نارا ، وجعل يقول : «إلى أين، إلى أين؟! إلى النار، إلى النار؟! واللّه لأنتم بالقتل أولى ممّن أقتل» .
فقلت له من بينهم : يا أبا الحسن ، اللّه اللّه ، إنّ العرب تكرّ وتفرّ وإنّ الكرّ يمحو الفرّ ، ولم أزل به حتّى سكن حرده وسكن روْعُه وانصرف عنّا ، فواللّه لأجد رعب ذلك اليوم في صدري إلى اليوم ۳ .

1.في تفسير القمي والبحار: «أبا واثلة»، وعلّق مصحّح البحار بقوله : «والصحيح أبي وائل».

2.في التفسير «الذرّ».

3.روى نحوه في تفسير عليّ بن إبراهيم القمي ۱ : ۱۲۲ ؛ وعنه البحار ۲۰ : ۵۲ ، ح ۳ ؛ الفضائل لشاذان بن جبرئيل : ۱۷۱ ؛ وبحار الأنوار ۴۱ : ۷۲ ـ ۷۳/۳.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
50

الحديث السادس والثلاثون

۰.عن قيس الهلالي قال :لمّا كان يوم أحُد ضُرِب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بالسيف ستّين ضربة ـ وعليه يومئذٍ درعان ـ وكسرت رباعيّته وشجّ في وجهه ، وفرّ الناس غير عليّ بن أبي طالب وسبعة من بني هاشم و عصابة من الأنصار ، و كان أحدهم يقول : بأبي أنت و أُمّي يا رسول اللّه ،
وجهي لوجهك الوفاء ونفسي لنفسك الفداء ، أستودعك اللّه وأقرأ عليك السلام ، وكان يقول بعضهم : يا نبيّ اللّه ، اُدعُ عليهم!
فقال : «اللهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون» .
وكان عليّ بن أبي طالب يجادل القوم ثمّ يرجع إلى المنهزمة فيصيح بهم ويعود إلى القتال ، ثمّ إنّه وقف في وجوه القوم المشركين و[ معه ] جماعة من الأنصار ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «ما وقوفك يا علي وقد ذهب الناس؟!» فقال : «يا رسول اللّه ، أحمل على هؤلاء القوم» فحمل عليٌّ يذبّ دونه حتى فرجهم وكشفهم ، فقال جبرئيل عليه السلامعند ذلك : يا محمّد، هذه هي المواساة . فقال : «بلى [ و ]اللّه إنّه منّي وأنا منه» فقال جبرئيل عند ذلك : يا محمّد، وأنا منكما ۱ .

1.مناقب الإمام أمير المؤمنين للحافظ محمّد بن سليمان الكوفي ۱ : ۴۷۵ ، ح ۳۸۰ ، بحار الأنوار ۲۰ : ۱۰۷/۳۴ ؛ كنز العمّال ۱۳ : ۱۴۴ ، ح ۳۶۴۴۹.

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39175
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي