57
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الرابع والأربعون

۰.عن سليم بن قيس ، عن أُمّ سلمة قالت :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم في مرضة الذي قبض فيه يقول : «ادعوا لي خليلي» فقامت عائشة ودعت أباها ، فلمّا دخل نظر إليه رسول اللّه وسكت . ثمّ قال : «ادعوا لي حبيبي» فقامت حفصة فدعت أباها ، فلمّا دخل نظر إليه رسول اللّه وسكت .
ثمّ قال : «ادعوا لي حبيبي» فقالت أُمّ سلمة : قلت : ويحكم! ألستم تعلمون أنّ خليله ووصيّه ووزيره وخليفته في أُمّته وخير من ينزله بعده ابنُ عمّه وأبو سبطيه عليّ بن أبي طالب ؟! فدعي أمير المؤمنين مستعجلاً فجاء حتّى دخل على النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، فلمّا نظر إليه رسول اللّه رفع رأسه وتبسّم في وجهه وقال : «مرحبا بأحبّ خلق اللّه إلى اللّه وإلى رسوله ، ادنُ منّي يا أخي» .
قالت [ أُمّ سلمة ] : فدنا منه فأقعده بجنبه ووضع [ رأسه ]على حجره وقال : «هاك يا أخي رأسي ، فإنّك أحقّ بي وأولى بي في الدنيا والآخرة ، وإنّك خليفتي في أُمّتي ووصيّي في أهلي» ثمّ أوصى إليه بالعلم والإيمان والإسلام ، ثمّ أدخلا رأسيهما تحت إزار فطالت مناجاتهما ، وأوصى إليه باسم اللّه الأعظم ، وقال له : «يا أخي ، أبشر وبشّر شيعتك وأصحابك المنتجبين ، إنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، فبلّغ
رسالاتي من بعدي ، وابدر وصيّتي بتأويل القرآن وما لا يعلمون ، وأنت خليفتي على أُمّتي ووصيّي على أهلي من بعدي ، من والاك يا أخي فقد والاني، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أطاعك فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني ، يا عليّ إذا متُّ وفرغتَ من غسلي وتكفيني لا تلبس رداك حتّى تؤلّف كتاب اللّه كما وألّف داود الزبور ، حتّى لا يزيد فيه الشيطان شيئا ولا ينقص» .
[ ثمّ قال : ] «يا علي، ناولني السيف» فقال : «أيّ سيف تريد يا رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليك ـ؟» قال : «ذا الفقار» فسلّه عليّ عن غمده وناوله ، فلمّا نظر إليه رسول اللّه في يدِ عليّ فاضت عيناه ، ثمّ قال : «أيّها السيف المطيع» قال : فأنطقه اللّه تعالى ، فقال : لبّيك يا رسول اللّه ، حتّى قالها ثلاثا ، فقال رسول اللّه : «من خلقك أيّها السيف؟» قال : اللّه الذي في السماء قدرته وفي الأرض سلطانه وفي البحار سبيله وفي الجنّة ثوابه وفي النار عقابه . فقال : «من أنا؟» فقال : أنت محمّد رسول اللّه حقّا حقّا ، قال : «ما اسمك؟» قال : ذو الفقار .
قالت [ أُمّ سلمة ] : ففرح رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وأمير المؤمنين وفرح من كان بالحضرة من الأولياء .
ثمّ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «خذه يا عليّ» فأخذه بيده ، ثمّ قال : «ادعه باسمه فإنّه يجيبك كما أجابني» فدعاه فأجابه السيف وقال : لبّيك يا أخا رسول اللّه ، لبّيك يا وصيَّ رسول اللّه .
ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «يا أيّها السيف ، إنّي آمرك بالسمع والطاعة لعليّ بعدي كما كنتَ تطيعه في حياتي، فاسمع وأطع» .
فقال السيف : سمعا وطاعة لك يا رسول اللّه ، والذي بعثك بالحقّ نبيّا لا أهرقت دَمَ مؤمنٍ ممتحنٍ ولا مسلمٍ ولا مستبصرٍ ، فأسمع وأُطيع كما أطعته في حياتك .
فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم عند ذلك : «يا علي، اغمد السيف» .
قالت أُمّ سلمة : وفي البيت يومئذٍ فاطمة والحسن والحسين وجميع نسائه وأبو بكر وعمر وعائشة وحفصة .
ثمّ قال رسول اللّه : «يا أُمّ سلمة ، لا يؤذي أخي عليّا أحدٌ من خلق اللّه إلاّ أكبّه اللّه في نارِ جهنّم خالدا مخلّدا ، ولا يقبل اللّه عنه صرفا ولا عدلاً ولو قُتل في سبيل اللّه سبعين مرّة . يا أُمّ سلمة ، إنّه سيّد الوصيّين وإمام المتّقين ، وإنّه قسيم النار والجنّة ، يقعده اللّه عز و جل يوم القيامة على الصراط ، فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار . يا أُمّ سلمة، إنّك من حزبه وإنّك من المنتجبات ، المواليه لأولياء اللّه والمعادية لأعداء اللّه ، وإنّه سيقاتل بعدي ثلاث فرق ، قاتلهم اللّه ، كلّهم في النار :
سيقاتل الناكثين شيعة الجمل ، وجند المرأة وجند الجمل ، الملعون قائده ، الملعون سائقه ، الملعون ناصره ؛ وإيّاك أن تكوني صاحبة الجمل ! فإنّ نظيرها في الخلق عاقر ناقة صالح» ثمّ قال : «لستِ صاحبة الجمل ، أبشري وبشِّري ، فإذا رأيتِ ذلك فالزمي بيتك ، واذكري ربّك ، وجاهدي بلسانك وقلبك ، وقرّي في بيتك ، ولاتبرّجي تبرّج الجاهليّة الأُولى .
يا أُمَّ سلمة ، سيقاتل القاسطين ، قوم لا خلاق لهم ولا دين ، لعنهم اللّه ، وهم حطب جهنّم .
ثمّ يقاتل المارقين ، أصحاب النهروان، قتلهم اللّه ، أما إنّهم كلاب النار» .
هذا حديث صحيح أخرجه أبو نعيم الحافظ الأصفهاني وابن مردويه ودعلج من طرق عن سليم بن قيس ۱ .

1.مناقب ابن مردويه، مخطوط.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
56

الحديث الثالث والأربعون

۰.عن نافع مولى عائشة قال :كنت غلاما أخدم عائشة ، وكنت إذا كان رسول اللّه عندها أكون قريبا منه أُعاطيه ، قال : كان رسول اللّه عندها إذ جاء جاءٍ فدقّ الباب ، فخرجت إليه إذ جارية سوداء معها إناء مغطّى ، فرجعت إلى عائشة فأخبرتها ، فقالت : أدخِلْها ، فأدخلتها ، [ فوضعت ] الإناء بين يدي عائشة ، فوضعتها [ عائشة ]بين يدي النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، فجعل يتناول منه ويأكل ، وخرجت الجارية ، فقال رسول اللّه : «يا ليت أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتقين يجيء فيأكل معي!» .
فقالت عائشة : ومن هو أمير المؤمنين؟ فسكت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ثمّ أعادت [ عائشة ] فسألت مرّة أُخرى، فسكت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فجاء جاءٍ فدقّ الباب ، فخرجتُ فإذا هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقلت : على الباب عليٌّ ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «يدخل» فدخل ، فقال له رسول اللّه : «مرحبا وأهلاً ، لقد تمنّيتك مرّتين حتّى لو أبطأت عليّ لسألت اللّه عز و جل أن يأتيني بك» فجلس يأكل معه ، فقال
رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «قاتَلَ اللّه [ من ] قاتَلَك، وعادى من عاداك» .
فقالت عائشة : من يقاتله ومن يعاديه؟ قال : «أنتِ ومن مَعَك ، أنتِ ومن معك ، أنتِ ومن معك!» ثلاثا ۱ .

1.رواه ابن مردويه في كتاب المناقب كما في كتاب اليقين للسيد ابن طاووس في الباب التاسع ، ص ۱۳۹ ؛ وكتاب التحصين ، القسم الأوّل ، الباب ۲۸ ، والعلاّمة في كشف اليقين : ۲۹۲ ، ح ۳۳۸ ؛ ورواه ابن الأثير في أُسد الغابة ۲ : ۱۵۴ ، في ترجمة نافع ، والمجلسي في بحار الأنوار ۳۲ : ۲۸۱ ، ح ۲۲۹ ؛ وما في المصادر متفاوت قليلاً مع ما في المتن.

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 39152
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي