21
مكاتيب الأئمّة ج7

يَا مُحَمَّدَ بنَ إِبرَاهِيمَ ، لَا يَدخُلُكَ الشَّكُّ فِيمَا قَدِمتَ لَهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَلِّي الأَرضَ مِن حُجَّةٍ ، أَلَيسَ قَالَ لَكَ أَبُوكَ قَبلَ وَفَاتِهِ : أَحضِرِ السَّاعَةَ مَن يُعَيِّرُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِندِي ، فَلَمَّا أُبطَأَ ذَلِكَ عَلَيهِ وَخَافَ الشَّيخُ عَلَى نَفسِهِ الوَحَا ۱ قَالَ لَكَ : عَيِّرهَا عَلَى نَفسِهِ ، وَأَخرَجَ إِلَيكَ كِيساً كَبِيراً وَعِندَكَ بِالحَضرَةِ ثَلَاثَةُ أَكيَاسٍ وَصُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ مُختَلِفَةُ النَّقدِ ، فَعَيَّرتَهَا وَخَتَمَ الشَّيخُ عَلَيهَا بِخَاتَمِهِ وَقَالَ لَكَ : اختِم مَعَ خَاتَمِي ، فَإِن أَعِش فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا ، وَإِن أَمُت فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفسِكَ أَوَّلاً ، ثُمَّ فِيَّ ، فَخَلِّصنِي وَكُن عِندَ ظَنِّي بِكَ .
أَخرِج ـ رَحِمَكَ اللَّهُ ـ الدَّنَانِيرَ الَّتِي استَفضَلتَهَا مِن بَينِ النَّقدَينِ مِن حِسَابِنَا وَهِيَ بِضعَةَ عَشَرَ دِينَاراً ، وَاستَرِدَّ مِن قِبَلِكَ ، فَإِنَّ الزَّمَانَ أَصعَبُ مَا كَانَ ، وَحَسبُنَا اللّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ .
قال محمّد بن إبراهيم : وقدمت العسكر زائراً ، فقصدت الناحية ، فلقيتني امرأة وقالت : أنت محمّد بن إبراهيم ؟ فقلت : نعم ، فقالت لي : انصرف ، فإنّك لا تصل في هذا الوقت ، وارجع اللّيلة فإنّ الباب مفتوح لك ، فادخل الدار واقصد البيت الّذي فيه السراج .
ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح ، فدخلت الدار وقصدت البيت الّذي وصفته ، فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي ، إذ سمعت صوتا وهو يقول :
يا مُحَمَّدُ ، اتَّقِ اللّهَ وَتُب مِن كُلِّ مَا أَنتَ عَلَيهِ ، فَقَد قَلَّدتَ أَمراً عَظِيماً . ۲

1.الوَحا : بالمدّ والقصر : أي السرعة ( مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۱۸ ) ، والمعنى أنّه خاف على نفسه سرعة الموت .

2.كمال الدين : ص ۴۸۶ ح ۸ ، دلائل الإمامة : ۵۲۶ ح ۴۹۹ وفيه إلى قوله « بضعة عشر دينارا » ، الخرائج والجرائح : ج۳ ص ۱۱۱۶ ح۳۱ وص ۱۱۱۷ ح۳۲ ، بحار الأنوار : ج ۵۳ ص ۱۸۵ ح ۱۶ .


مكاتيب الأئمّة ج7
20

مرتاداً 1 ، فخرج إليه :قُل لِلمَهزِيَارِيّ : قَد فَهِمنَا مَا حَكَيتَهُ عَن مَوَالِينَا بِنَاحِيَتِكُم ، فَقُل لَهُم : أَ مَا سَمِعتُمُ اللَّهَ عز و جل يَقُولُ : « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنكُمْ» ، هَل أَمَرَ إِلَا بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ ؟ أَلَم تَرَوا أَنَّ اللَّهَ عز و جل جَعَلَ لَكُم مَعَاقِلَ تَأوُونَ إِلَيهَا ، وَأَعلَاماً تَهتَدُونَ بِهَا مِن لَدُن آدَمَ عليه السلام إِلَى أَن ظَهَرَ المَاضِي أَبُو مُحَمَّد عليه السلام ؟ كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ ، وَإِذَا أَفَلَ نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عز و جل إِلَيهِ ظَنَنتُم أَنَّ اللَّهَ قَد قَطَعَ السَّبَبَ بَينَهُ وَبَينَ خَلقِهِ ، كَلَا مَا كَانَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَيَظهَرُ أَمرُ اللّهِ عز و جل وَهُم كارِهُونَ .

1.في دلائل الإمامة والخرائج والجرائح : «مرتابا» بدل «مرتادا» .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج7
    المساعدون :
    فرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 57378
الصفحه من 238
طباعه  ارسل الي