37
مكاتيب الأئمّة ج7

المشرعة ، فاغتسلت وانصرفت إلى بيت الرجل ، ومكثت إلى أن مضى من الليل ربعة ، فجاءني ومعه دُرج فيه :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم
وَافَى أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ ، وَحَمَلَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفَ دِينَار ، وَفي كَذَا وَكَذَا صُرَّةً ، فِيهَا صُرَّةُ فُلَانِ بنِ فُلانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً ، وَصُرَّةُ فُلَانِ بنِ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً ـ إِلَى أَن عَدَّ الصُّرَرَ كُلَّهَا ـ وُصُرَّةُ فُلَانِ بنِ فُلَانِ الذَّرَّاعِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَاراً .

قال : فوسوس لي الشيطان أنّ سيّدي أعلم بهذا منّي ، فما زلت أقرأ ذكر صرّة صرّة وذكر صاحبها ، حتّى أتيت عليها عند آخرها ، ثمّ ذكر : قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائيّ أخي الصواف كيساً فيه ألف دينار وكذا وكذا تختاً ثياباً ، منها ثوب فلاني ، وثوب لونه كذا ، حتّى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها .
قال : فحمدت اللّه وشكرته على ما منّ به عليَّ من إزالة الشكّ عن قلبي ، وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرني أبو جعفر العمريّ ، قال : فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمريّ . قال : وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيّام . قال : فلمّا بصر بيَّ أبو جعفر العمريّ قال لي : لِمَ لم تخرج ؟ فقلت : يا سيّدي ، من سُرّ مَن رَأى انصرفت .
قال : فأنا أحدّث أبا جعفر بهذا ، إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمريّ من مولانا ( صلوات اللّه عليه ) ، ومعها دُرج مثل الدُرج الّذي كان معي ، فيه ذكر المال والثياب ، وأمر أن يُسلّم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي ، فلبس أبو جعفر العمريّ ثيابه ، وقال لي : احمل ما معك إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان القمّي . قال : فحملت المال والثياب إلى منزل محمّد بن أحمد بن جعفر القطّان ، وسلّمتها ، وخرجت إلى الحجّ . فلمّا انصرفت إلى الدينور


مكاتيب الأئمّة ج7
36

قال : فصرت إلى إسحاق الأحمر ، فوجدته شابّاً نظيفاً ، منزله أكبر من منزل الباقَطَانيّ ، وفرسه ولباسه ومروءته أسرى ، وغلمانه أكثر من غلمانه ، ويجتمع عنده من الناس أكثر ممّا يجتمعون عند الباقطانيّ . قال : فدخلت وسلّمت ، فرحّب وقرّب ، قال : فصبرت إلى أن خفّ الناس ، قال : فسألني عن حاجتي ، فقلت له كما قلت للباقَطَانيّ ، وعدت إليه بعد ثلاثة أيّام ، فلم يأت بحجّة .
قال : فصرت إلى أبي جعفر العمريّ ، فوجدته شيخاً متواضعاً ، عليه مُبَطّنة ۱ بيضاء ، قاعد على لِبْدٍ ۲ ، في بيتٍ صغير ، ليس له غلمان ، ولا له من المروءة والفرس ما وجدت لغيره . قال : فسلّمت ، فردّ جوابي وأدناني ، وبَسَطَ منّي ۳ ، ثمّ سألني عن حالي ، فعرّفته أنّي وافيت من الجبل ، وحملت مالاً . قال : فقال : إن أحببت أن يصل هذا الشيء إلى من يجب أن يصل إليه ، يجب أن تخرج إلى سُرّ مَن رَأى ، وتسأل دار ابن الرضا ، وعن فلان بن فلان الوكيل ـ وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها ـ فإنّك تجد هناك ما تريد .
قال : فخرجت من عنده ، ومضيت نحو سُرّ مَن رَأى ، وصرت إلى دار ابن الرضا ، وسألت عن الوكيل ، فذكر البواب أنّه مشتغل في الدار ، وأنّه يخرج آنفاً ، فقعدت على الباب أنتظر خروجه ، فخرج بعد ساعة ، فقمت وسلّمت عليه ، وأخذ بيدي إلى بيتٍ كان له ، وسألني عن حالي ، وعمّا وردت له ، فعرّفته أنّي حملت شيئاً من المال من ناحية الجبل ، وأحتاج أن أُسلّمه بحجّة . قال : فقال : نعم . ثمّ قدّم إليّ طعاماً ، وقال لي : تغدّى بهذا واسترح ، فإنّك تعب ، وأنّ بيننا وبين صلاة الأُولى ساعة ، فإنّي أحمل إليك ما تريد .
قال : فأكلت ونمت ، فلمّا كان وقت الصلاة نهضت وصلّيت ، وذهبت إلى

1.المبطنة : ما ينتطق به ، وهي إزار له حجزة .

2.اللبد : ضرب من البسط .

3.بسط فلان من فلان : أزال منه الاحتشام وعوامل الخجل .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج7
    المساعدون :
    فرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 68239
الصفحه من 238
طباعه  ارسل الي