والخطط الشيطانيّة ، شيّدت على أنقاضها بناءً جديداً .
لقد جاء النبيّ صلى الله عليه و آله برسالة تطمح أن تقود العالم ، وتكون لها الكلمة الأخيرة في الحياة الإنسانيّة ، ولمّا أدرك الأعداء هذا المعنى ، دخلوا في مواجهة حامية مع الدين الجديد سخّروا لها جميع قدراتهم ، ولم يكفّوا عن مقارعته حتى الرمق الأخير . ولمّا تبيّن لهم أنّ لغة الصراع المباشر لم تعُد تُغني شيئاً ، لجؤوا إلى المكيدة ، وراحوا ينسجون المؤامرة تلو الاُخرى مكراً بهذا الدين . وهذا واقع معروف لا يستريب به من له أدنى معرفة بالتاريخ الإسلامي .
أ فيجوز بعد هذه المواجهات الحادّة والصراع المرير مع اليهود والقبائل المشركة وبقيّة القوى المعادية ، أن يجنح بنا الخيال فنتصوّر بأنّ هؤلاء ركنوا إلى الهدوء ، وجنحوا إلى السلم ، ولم يعُد لهم شأن بالإسلام ودعوته ؟ ! وهل يصحّ لسياسيّ فطن ، ولقائد كيّس وبصير أن يُغضي عن كلّ هذا الواقع العدائي المتشابك من حول دعوته ، ثمّ يمضي من دون أن يدبّر لحركته الفتيّة برنامجاً يصونها ويؤمّن لها المستقبل ؟ ثمّ هل يكون رسول اللّه صلى الله عليه و آله قائداً خاض جميع هذه المواجهات ، ثمّ يتصوّر أنّ اُمّته امتلكت من الصلابة ما يُحصّنها من جميع هذه المكائد والأخطار ، بحيث لم يعُد يخشى عليها من أحابيل هؤلاء ، وإنّ مكر هؤلاء وقوّتهم قد تلاشت ولم تعُد تؤلّف خطراً ذا بال ؟ !
2 . السلبيّة إزاء المستقبل
العنصر الثاني الذي يمكن أن يوجّه الفرضيّة الاُولى ويقدّم لها تفسيراً منطقياً ، هي أن نفترض أنّ النبيّ القائد يدرك الأخطار التي تحفّ دعوته ، ويتطلّع إلى أهميّة المستقبل بنحو جيّد ، لكنّه مع ذلك لا يحاول تحصين الدعوة ضدّ تلك الأخطار ، لأ نّه يرى أنّ رسالته تنتهي بحياته ، وهو يتحمّل مسؤوليّتها مادام حيّاً ، فإذا لم يعُد